[ ص: 106 ] سورة الأحزاب
مدنية في قول جميعهم . نزلت في المنافقين وإيذائهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطعنهم فيه وفي مناكحته وغيرها . وهي ثلات وسبعون آية . وكانت هذه السورة تعدل سورة البقرة . وكانت فيها آية الرجم : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ) ; ذكره
أبو بكر الأنباري عن
أبي بن كعب . وهذا يحمله أهل العلم على أن الله تعالى رفع من الأحزاب إليه ما يزيد على ما في أيدينا ، وأن آية الرجم رفع لفظها . وقد حدثنا
أحمد بن الهيثم بن خالد قال حدثنا
أبو عبيد nindex.php?page=showalam&ids=12074القاسم بن سلام قال حدثنا
ابن أبي مريم عن
ابن لهيعة عن
أبي الأسود عن
عروة عن
عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتي آية ، فلما كتب المصحف لم يقدر منها إلا على ما هي الآن . قال
أبو بكر : فمعنى هذا من قول أم المؤمنين
عائشة : أن الله تعالى رفع إليه من سورة الأحزاب ما يزيد على ما عندنا .
قلت : هذا وجه من وجوه النسخ ، وقد تقدم في ( البقرة ) القول فيه مستوفى والحمد لله . وروى
زر قال : قال لي
أبي بن كعب : كم تعدون سورة الأحزاب ؟ قلت ثلاثا وسبعين آية ; قال : فوالذي يحلف به
أبي بن كعب إن كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول ، ولقد قرأنا منها آية الرجم : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم . أراد
أبي أن ذلك من جملة ما نسخ من القرآن . وأما ما يحكى من أن تلك الزيادة كانت في صحيفة في بيت
[ ص: 107 ] عائشة فأكلتها الداجن فمن تأليف الملاحدة والروافض .
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما .
قوله تعالى :
يا أيها النبي اتق الله ضمت ( أي ) لأنه نداء مفرد ، والتنبيه لازم لها . و ( النبي ) نعت ل ( أي ) عند النحويين ; إلا
الأخفش فإنه يقول : إنه صلة ل ( أي ) . مكي : ولا يعرف في كلام العرب اسم مفرد صلة لشيء .
النحاس : وهو خطأ عند أكثر النحويين ; لأن الصلة لا تكون إلا جملة ، والاحتيال له فيما قال إنه لما كان نعتا لازما سمي صلة ; وهكذا الكوفيون يسمون نعت النكرة صلة لها . ولا يجوز نصبه على الموضع عند أكثر النحويين . وأجازه
المازني ، جعله كقولك : يا زيد الظريف ، بنصب ( الظريف ) على موضع زيد . مكي : وهذا نعت يستغنى عنه ، ونعت ( أي ) لا يستغنى عنه فلا يحسن نصبه على الموضع . وأيضا فإن نعت ( أي ) هو المنادى في المعنى فلا يحسن نصبه . وروي
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان يحب إسلام اليهود : قريظة والنضير وبني قينقاع ; وقد تابعه ناس منهم على النفاق ، فكان يلين لهم جانبه ; ويكرم صغيرهم وكبيرهم ، وإذا أتى منهم قبيح تجاوز عنه ، وكان يسمع منهم ; فنزلت . وقيل ; إنها نزلت فيما ذكر
الواحدي والقشيري والثعلبي nindex.php?page=showalam&ids=15151والماوردي وغيرهم في
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان بن حرب nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور عمرو بن سفيان ، نزلوا
المدينة على
عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين بعد
أحد ، وقد أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الأمان على أن يكلموه ، فقام معهم
nindex.php?page=showalam&ids=16436عبد الله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم وعنده
عمر بن الخطاب : ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة ، وقل إن لها شفاعة ومنعة لمن عبدها ، وندعك وربك . فشق على النبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا . فقال
عمر : يا رسول الله ، ائذن لي في قتلهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
إني قد أعطيتهم الأمان فقال
عمر : اخرجوا في لعنة الله وغضبه . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا من
المدينة ; فنزلت الآية .
يا أيها النبي اتق الله أي خف الله .
ولا تطع الكافرين من أهل
مكة ، يعني
أبا سفيان وأبا الأعور وعكرمة . والمنافقين من أهل
المدينة ، يعني
عبد الله بن أبي وطعمة nindex.php?page=showalam&ids=16436وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فيما نهيت عنه ، ولا
[ ص: 108 ] تمل إليهم .
إن الله كان عليما بكفرهم حكيما فيما يفعل بهم .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان بن حرب nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم في الموادعة التي كانت بينه وبينهم ، وقام معهم
عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير والجد بن قيس ، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ارفض ذكر آلهتنا . وذكر الخبر بمعنى ما تقدم . وأن الآية نزلت في نقض العهد ونبذ الموادعة .
ولا تطع الكافرين من أهل
مكة . والمنافقين من أهل
المدينة فيما طلبوا إليك . وروي أن أهل
مكة دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يرجع عن دينه ويعطوه شطر أموالهم ، ويزوجه
شيبة بن ربيعة بنته ، وخوفه منافقو
المدينة أنهم يقتلونه إن لم يرجع ; فنزلت .
النحاس : ودل بقوله
إن الله كان عليما حكيما على أنه كان يميل إليهم استدعاء لهم إلى الإسلام ; أي لو علم الله عز وجل أن ميلك إليهم فيه منفعة لما نهاك عنه ; لأنه حكيم . ثم قيل : الخطاب له ولأمته .