[ ص: 149 ] قوله تعالى :
يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما .
فيه ثماني مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
يا أيها النبي قل لأزواجك قال علماؤنا : هذه الآية متصلة : بمعنى ما تقدم من
المنع من إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان قد تأذى ببعض الزوجات . قيل : سألنه شيئا من عرض الدنيا . وقيل : زيادة في النفقة . وقيل : آذينه بغيرة بعضهن على بعض . وقيل : أمر صلى الله عليه وسلم بتلاوة هذه الآية عليهن وتخييرهن بين الدنيا والآخرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى ، : إن من ملك زوجة فليس عليه تخييرها . أمر صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه فاخترنه . وجملة ذلك أن الله سبحانه خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أن يكون نبيا ملكا وعرض عليه مفاتيح خزائن الدنيا ، وبين أن يكون نبيا مسكينا ، فشاور
جبريل فأشار عليه بالمسكنة فاختارها ، فلما اختارها وهي أعلى المنزلتين ، أمره الله عز وجل أن يخير زوجاته ، فربما كان فيهن من يكره المقام معه على الشدة تنزيها له . وقيل : إن السبب الذي أوجب التخيير لأجله ، أن امرأة من أزواجه سألته أن يصوغ لها حلقة من ذهب ، فصاغ لها حلقة من فضة وطلاها بالذهب - وقيل بالزعفران - فأبت إلا أن تكون من ذهب ، فنزلت آية التخيير فخيرهن ، فقلن اخترنا الله ورسوله . وقيل : إن واحدة منهن اختارت الفراق . فالله أعلم .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم واللفظ
لمسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=832342عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : دخل أبو بكر يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم ، قال : فأذن لأبي بكر فدخل ، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له ، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا . قال : - فقال : والله لأقولن شيئا أضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : هن حولي كما ترى يسألنني النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها ، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها ، كلاهما يقول : تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده ! ! فقلن : والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده . ثم اعتزلهن شهرا أو تسعا وعشرين ثم نزلت عليه هذه الآية : يا أيها النبي قل لأزواجك - حتى بلغ - للمحسنات منكن أجرا عظيما . قال : فبدأ [ ص: 150 ] بعائشة فقال : يا عائشة ، إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك قالت : وما هو يا رسول الله ؟ فتلا عليها الآية . قالت : أفيك يا رسول الله أستشير أبوي ! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة ، وأسألك ألا تخبر أمرأة من نسائك بالذي قلت . قال : لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها ، إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا . وروى
الترمذي nindex.php?page=hadith&LINKID=832343عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال : يا عائشة ، إني ذاكر لك أمرا فلا عليك ألا تستعجلي حتى تستأمري أبويك قالت : وقد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه ، قالت : ثم قال : إن الله يقول : يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا - حتى بلغ - للمحسنات منكن أجرا عظيما فقلت : أفي هذا أستأمر أبوي ! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ، وفعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلت . قال : هذا حديث حسن صحيح . قال العلماء : وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم
عائشة أن تشاور أبويها لأنه كان يحبها ، وكان يخاف أن يحملها فرط الشباب على أن تختار فراقه ، ويعلم من أبويها أنهما لا يشيران عليها بفراقه .
الثانية : قوله تعالى : ( قل لأزواجك ) كان للنبي صلى الله عليه وسلم
أزواج ، منهن من دخل بها ، ومنهن من عقد عليها ولم يدخل بها ، ومنهن من خطبها فلم يتم نكاحه معها .
فأولهن :
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب . وكانت قبله عند
أبي هالة واسمه
زرارة بن النباش الأسدي ، وكانت قبله عند
عتيق بن عائذ ، ولدت منه غلاما اسمه
عبد مناف . وولدت من
أبي هالة هند بن أبي هالة ، وعاش إلى زمن الطاعون فمات فيه . ويقال : إن الذي عاش إلى زمن الطاعون
هند بن هند ، وسمعت نادبته تقول حين مات : واهند بن هنداه ، واربيب رسول الله .
ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة غيرها حتى ماتت . وكانت يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة ، وتوفيت بعد أن مضى من النبوة سبع سنين . وقيل : عشر . أو كان لها حين توفيت خمس وستون سنة . وهي
أول امرأة آمنت به . وجميع أولاده منها غير
إبراهيم . قال
حكيم بن حزام : توفيت
خديجة فخرجنا بها من منزلها حتى دفناها
بالحجون ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرتها ، ولم تكن يومئذ سنة الجنازة الصلاة عليها .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس العامرية ، أسلمت قديما وبايعت ، وكانت عند ابن عم لها يقال له
السكران بن عمرو ، وأسلم أيضا ، وهاجرا جميعا إلى أرض
[ ص: 151 ] الحبشة في الهجرة الثانية ، فلما قدما
مكة مات زوجها . وقيل : مات
بالحبشة ، فلما حلت خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتزوجها ودخل بها
بمكة ، وهاجر بها إلى
المدينة ، فلما كبرت أراد طلاقها فسألته ألا يفعل وأن يدعها في نسائه ، وجعلت ليلتها
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة حسبما هو مذكور في الصحيح فأمسكها ، وتوفيت
بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بنت أبي بكر الصديق ، وكانت مسماة
nindex.php?page=showalam&ids=67لجبير بن مطعم ، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال
أبو بكر : يا رسول الله ، دعني أسلها من
جبير سلا رفيقا ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمكة قبل الهجرة بسنتين . وقيل بثلاث سنين ، وبنى بها
بالمدينة وهي بنت تسع ، وبقيت عنده تسع سنين ، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ثماني عشرة ، ولم يتزوج بكرا غيرها . وماتت سنة تسع وخمسين . وقيل ثمان وخمسين .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة بنت عمر بن الخطاب القرشية العدوية ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طلقها ، فأتاه
جبريل فقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=864589إن الله يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوامة قوامة ) فراجعها . قال
الواقدي : وتوفيت في شعبان سنة خمس وأربعين في خلافة
معاوية ، وهي ابنة ستين سنة . وقيل : ماتت في خلافة
عثمان بالمدينة .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، واسمها هند بنت أبي أمية المخزومية - واسم
أبي أمية سهيل - تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من شوال سنة أربع ، زوجها منه ابنها
سلمة على الصحيح ، وكان
عمر ابنها صغيرا ، وتوفيت في سنة تسع وخمسين . وقيل : سنة ثنتين وستين ، والأول أصح . وصلى عليها
سعيد بن زيد . وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة . وقبرت
بالبقيع وهي ابنة أربع وثمانين سنة .
ومنهن
nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة ، واسمها رملة بنت أبي سفيان . بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري إلى
النجاشي ، ليخطب عليه
أم حبيبة فزوجه إياها ، وذلك سنة سبع من الهجرة ، وأصدق
النجاشي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار ، وبعث بها مع
شرحبيل بن حسنة ، وتوفيت
[ ص: 152 ] سنة أربع وأربعين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : كانت
أم حبيبة تحت
عبيد الله بن جحش فمات بأرض
الحبشة على النصرانية ، فزوجها
النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمهرها عنه أربعة آلاف ، وبعث بها إليه مع
شرحبيل بن حسنة .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية ، وكان اسمها
برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم
زينب ، وكان اسم أبيها
برة ، فقالت : يا رسول الله ، بدل اسم أبي فإن البرة حقيرة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم :
لو كان أبوك مؤمنا سميناه باسم رجل منا أهل البيت ولكني قد سميته جحشا والجحش من البرة ذكر هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني . تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة في سنة خمس من الهجرة ، وتوفيت سنة عشرين ، وهي بنت ثلاث وخمسين .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=10771زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية ، كانت تسمى في الجاهلية أم المساكين ، لإطعامها إياهم . تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان على رأس واحد وثلاثين شهرا من الهجرة ، فمكثت عنده ثمانية أشهر ، وتوفيت في حياته في آخر ربيع الأول على رأس تسعة وثلاثين شهرا ، ودفنت
بالبقيع .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=149جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية المصطلقية ، أصابها في غزوة
بني المصطلق فوقعت في سهم
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس فكاتبها ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوجها ، وذلك في شعبان سنة ست ، وكان اسمها
برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم
جويرية ، وتوفيت في ربيع الأول سنة ست وخمسين . وقيل : سنة خمسين وهي ابنة خمس وستين .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي بن أخطب الهارونية ، سباها النبي صلى الله عليه وسلم يوم
خيبر واصطفاها لنفسه ، وأسلمت وأعتقها ، وجعل عتقها صداقها . وفي الصحيح : أنها وقعت في سهم
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس ، وماتت في سنة اثنتين وخمسين . وقيل : سنة اثنتين وخمسين ، ودفنت
بالبقيع .
ومنهن :
ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة من بني النضير ، سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 153 ] وأعتقها ، وتزوجها في سنة ست ، وماتت مرجعه من حجة الوداع ، فدفنها
بالبقيع . وقال
الواقدي : ماتت سنة ست عشرة وصلى عليها
عمر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج الجوزي : وقد سمعت من يقول : إنه كان يطؤها بملك اليمين ولم يعتقها .
قلت : ولهذا والله أعلم لم يذكرها
أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي في عداد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث الهلالية ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسرف على عشرة أميال من
مكة ، وذلك في سنة سبع من الهجرة في عمرة القضية ، وهي
آخر امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقدر الله تعالى أنها ماتت في المكان الذي بنى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، ودفنت هنالك ، وذلك في سنة إحدى وستين . وقيل : ثلاث وستين . وقيل ثمان وستين .
فهؤلاء المشهورات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهن اللاتي دخل بهن ، رضي الله عنهن .
فأما من تزوجهن ولم يدخل بهن فمنهن :
الكلابية . واختلفوا في اسمها ، فقيل
فاطمة . وقيل
عمرة . وقيل
العالية . قال
الزهري : تزوج
فاطمة بنت الضحاك الكلابية فاستعاذت منه فطلقها ، وكانت تقول : أنا الشقية . تزوجها في ذي القعدة سنة ثمان من الهجرة ، وتوفيت سنة ستين .
ومنهن :
أسماء بنت النعمان بن الجون بن الحارث الكندية ، وهي الجونية . قال
قتادة : لما دخل عليها دعاها فقالت : تعال أنت ، فطلقها . وقال غيره : هي التي استعاذت منه . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832344تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل ، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها فكأنها كرهت ذلك ، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين . وفي لفظ آخر قال
أبو أسيد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832345أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجونية ، فلما دخل عليها قال : هبي لي نفسك فقالت : وهل تهب الملكة نفسها للسوقة فأهوى بيده ليضعها عليها لتسكن ، فقالت : أعوذ بالله منك فقال : قد عذت بمعاذ ثم خرج علينا فقال : يا أبا أسيد ، اكسها رازقيين وألحقها بأهلها .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=11179قتيلة بنت قيس ، أخت
الأشعث بن قيس ، زوجها إياه
الأشعث ، ثم انصرف إلى
حضرموت ، فحملها إليه فبلغه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فردها إلى بلاده ، فارتد وارتدت معه . ثم
[ ص: 154 ] تزوجها
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل ، فوجد من ذلك
أبو بكر وجدا شديدا . فقال له
عمر : إنها والله ما هي من أزواجه ، ما خيرها ولا حجبها . ولقد برأها الله منه بالارتداد . وكان
عروة ينكر أن يكون تزوجها .
ومنهن :
أم شريك الأزدية ، واسمها
غزية بنت جابر بن حكيم ، وكانت قبله عند
أبي بكر بن أبي سلمى ، فطلقها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بها . وهي التي وهبت نفسها . وقيل : إن
التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=10683خولة بنت حكيم .
ومنهن :
خولة بنت الهزيل بن هبيرة ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهلكت قبل أن تصل إليه .
ومنهن :
شراف بنت خليفة ، أخت دحية ، تزوجها ولم يدخل بها . ومنهن
ليلى بنت الخطيم ، أخت قيس ، تزوجها وكانت غيورا فاستقالته فأقالها .
ومنهن :
عمرة بنت معاوية الكندية ، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم قال
الشعبي : تزوج امرأة من
كندة فجيء بها بعد ما مات .
ومنهن :
ابنة جندب بن ضمرة الجندعية . قال بعضهم : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وأنكر بعضهم وجود ذلك .
ومنهن :
الغفارية . قال بعضهم : تزوج امرأة من
غفار ، فأمرها فنزعت ثيابها فرأى بياضا فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832346الحقي بأهلك . ويقال : إنما رأى البياض بالكلابية . فهؤلاء اللاتي ، عقد عليهن ولم يدخل بهن ، صلى الله عليه وسلم .
فأما
من خطبهن فلم يتم نكاحه معهن ، ومن وهبت له نفسها : فمنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب ، واسمها فاختة . خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني امرأة مصبية واعتذرت إليه فعذرها .
ومنهن :
ضباعة بنت عامر .
ومنهن :
صفية بنت بشامة بن نضلة ، خطبها النبي صلى الله عليه وسلم وكان أصابها سباء ، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن شئت أنا وإن شئت زوجك ؟ قالت : زوجي . فأرسلها ، فلعنتها
بنو تميم ، قاله
ابن عباس .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=11598أم شريك . وقد تقدم ذكرها .
[ ص: 155 ] ومنهن :
ليلى بنت الخطيم ، وقد تقدم ذكرها .
ومنهن :
nindex.php?page=showalam&ids=10683خولة بنت حكيم بن أمية ، وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فأرجأها ، فتزوجها
عثمان بن مظعون .
ومنهن :
جمرة بنت الحارث بن عوف المري ، خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبوها : إن بها سوءا ولم يكن بها ، فرجع إليها أبوها وقد برصت ، وهي
أم شبيب بن البرصاء الشاعر .
ومنهن :
سودة القرشية ، خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مصبية . فقالت : أخاف أن يضغو صبيتي عند رأسك . فحمدها ودعا لها .
ومنهن : امرأة لم يذكر اسمها . قال
مجاهد :
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : أستأمر أبي . فلقيت أباها فأذن لها ، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قد التحفنا لحافا غيرك . فهؤلاء جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان له من السراري سريتان :
مارية القبطية ،
وريحانة ، في قول
قتادة . وقال غيره : كان له أربع :
مارية ،
وريحانة ، وأخرى جميلة أصابها في السبي ، وجارية وهبتها له
زينب بنت جحش .
الثالثة :
لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا إن شرط ، وجوابه فتعالين ، فعلق التخيير على شرط . وهذا يدل على أن
التخيير والطلاق المعلقين على شرط صحيحان ، فينفذان ويمضيان ، خلافا للجهال المبتدعة الذين يزعمون أن الرجل إذا
قال لزوجته : أنت طالق إن دخلت الدار ، أنه لا يقع الطلاق إن دخلت الدار ؛ لأن الطلاق الشرعي هو المنجز في الحال لا غير .
الرابعة : فتعالين هو جواب الشرط ، وهو فعل جماعة النساء ، من قولك تعال ، وهو دعاء إلى الإقبال إليه ، يقال : تعالى بمعنى أقبل ، وضع لمن له جلالة ورفعة ، ثم صار في الاستعمال لكل داع إلى الإقبال ، وأما في هذا الموضع فهو على أصله ، فإن الداعي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( أمتعكن ) قد تقدم الكلام في ( البقرة ) . وقرئ ( أمتعكن ) بضم العين . وكذا ( وأسرحكن ) بضم الحاء على الاستئناف . والسراح الجميل : هو أن يكون طلاقا للسنة من غير ضرار ولا منع واجب لها .
الخامسة : اختلف العلماء في
كيفية تخيير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه على قولين : الأول : أنه
[ ص: 156 ] خيرهن بإذن الله تعالى في البقاء على الزوجية أو الطلاق ، فاخترن البقاء ، قالته
عائشة ومجاهد وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب وربيعة . ومنهم من قال : إنما خيرهن بين الدنيا فيفارقهن ، وبين الآخرة فيمسكهن ، لتكون لهن المنزلة العليا كما كانت لزوجهن ، ولم يخيرهن في الطلاق ، ذكره
الحسن وقتادة . ومن الصحابة
علي فيما رواه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل أنه قال : لم يخير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه إلا بين الدنيا والآخرة .
قلت : القول الأول أصح ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=864595لقول عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن الرجل يخير امرأته فقالت : قد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفكان طلاقا في رواية : فاخترناه فلم يعده طلاقا ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا التخيير المأمور بين البقاء والطلاق ، لذلك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832347يا عائشة إني ذاكر لك أمرا فلا عليك ألا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك الحديث . ومعلوم أنه لم يرد الاستئمار في اختيار الدنيا وزينتها على الآخرة . فثبت أن الاستئمار إنما وقع في الفرقة ، أو النكاح . والله أعلم .
السادسة : واختلف العلماء في
المخيرة إذا اختارت زوجها ، فقال جمهور العلماء من السلف وغيرهم وأئمة الفتوى : إنه لا يلزمه طلاق ، لا واحدة ولا أكثر ، هذا قول
عمر بن الخطاب وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة . ومن التابعين
عطاء ومسروق nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب . وروي عن
علي وزيد أيضا : إن اختارت زوجها فواحدة بائنة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، وحكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي والنقاش عن
مالك . وتعلقوا بأن قوله : اختاري ، كناية عن إيقاع الطلاق ، فإذا أضافه إليها وقعت طلقة ، كقوله : أنت بائن . والصحيح الأول ، لقول
عائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832348خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعده علينا طلاقا . أخرجه الصحيحان . قال
ابن المنذر : وحديث
عائشة دل على أن المخيرة إذا اختارت زوجها لم يكن ذلك طلاقا ، ويدل على أن اختيارها نفسها يوجب الطلاق ، ويدل على معنى ثالث ، وهو أن
المخيرة إذا اختارت نفسها أنها تطليقة يملك زوجها رجعتها ، إذ غير جائز أن يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف ما أمره الله . وروي هذا عن
عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وروي عن
علي أنها إذا اختارت نفسها أنها واحدة بائنة . وهو قول
أبي حنيفة وأصحابه . ورواه
ابن خويز منداد عن
مالك . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت أنها إذا اختارت
[ ص: 157 ] نفسها أنها ثلاث . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، وبه قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ؛ لأن الملك إنما يكون بذلك . وروي عن
علي رضي الله عنه أنها إذا اختارت نفسها فليس بشيء . وروي عنه أنها إذا اختارت زوجها فواحدة رجعية .
السابعة : ذهب جماعة من المدنيين وغيرهم إلى أن التمليك والتخيير سواء ، والقضاء ما قضت فيهما جميعا ، وهو قول
عبد العزيز بن أبي سلمة . قال
ابن شعبان : وقد اختاره كثير من أصحابنا ، وهو قول جماعة من أهل
المدينة . قال
أبو عمر : وعلى هذا القول أكثر الفقهاء . والمشهور من مذهب
مالك الفرق بينهما ، وذلك أن التمليك عند
مالك وهو
قول الرجل لامرأته : قد ملكتك ، أي قد ملكتك ما جعل الله لي من الطلاق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ، فلما جاز أن يملكها بعض ذلك دون بعض وادعى ذلك ، كان القول قوله مع يمينه إذا ناكرها . وقالت طائفة من
أهل المدينة : له المناكرة في التمليك وفي التخيير سواء في المدخول بها . والأول قول
مالك في المشهور . وروى
ابن خويز منداد . عن
مالك أن للزوج أن يناكر المخيرة في الثلاث ، وتكون طلقة بائنة كما قال
أبو حنيفة . وبه قال
أبو الجهم . قال
سحنون : وعليه أكثر أصحابنا .
وتحصيل مذهب
مالك : أن
المخيرة إذا اختارت نفسها وهي مدخول بها فهو الطلاق كله ، وإن أنكر زوجها فلا نكرة له . وإن اختارت واحدة فليس بشيء ، وإنما الخيار البتات ، إما أخذته وإما تركته ؛ لأن معنى التخيير التسريح ، قال الله تعالى في آية التخيير :
فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا فمعنى التسريح البتات ، قال الله تعالى :
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان . والتسريح بإحسان هو الطلقة الثالثة ، روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم . ومن جهة المعنى أن قوله : اختاريني أو اختاري نفسك يقتضي ألا يكون له عليها سبيل إذا اختارت نفسها ، ولا يملك منها شيئا ؛ إذ قد جعل إليها أن تخرج ما يملكه منها أو تقيم معه إذا اختارته ، فإذا اختارت البعض من الطلاق لم تعمل بمقتضى اللفظ ، وكانت بمنزلة من خير بين شيئين فاختار غيرهما . وأما التي لم يدخل بها فله مناكرتها في التخيير والتمليك إذا زادت على واحدة ، لأنها تبين في الحال .
واختلفت الرواية عن
مالك متى يكون لها الخيار ، فقال مرة : لها الخيار ما دامت في المجلس قبل القيام أو الاشتغال بما يدل على الإعراض . فإن لم تختر ولم تقض شيئا حتى افترقا من مجلسهما بطل ما كان من ذلك إليها ، وعلى هذا أكثر الفقهاء . وقال
مرة : لها الخيار أبدا ما لم يعلم أنها تركت ، وذلك يعلم بأن تمكنه من نفسها بوطء أو مباشرة ، فعلى هذا إن
[ ص: 158 ] منعت نفسها ولم تختر شيئا كان له رفعها على الحاكم لتوقع أو تسقط ، فإن أبت أسقط الحاكم تمليكها . وعلى القول الأول إذا أخذت في غير ذلك من حديث أو عمل أو مشي أو ما ليس في التخيير بشيء كما ذكرنا سقط تخييرها . واحتج بعض أصحابنا لهذا القول بقوله تعالى :
فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره . وأيضا فإن الزوج أطلق لها القول ليعرف الخيار منها ، فصار كالعقد بينهما ، فإن قبلته وإلا سقط ، كالذي يقول : قد وهبت لك أو بايعتك ، فإن قبل وإلا كان الملك باقيا بحاله . هذا قول
الثوري والكوفيين nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وهو اختيار
ابن القاسم ووجه الرواية الثانية أن ذلك قد صار في يدها ملكته على زوجها بتمليكه إياها فلما ملكت ذلك وجب أن يبقى في يدها كبقائه في يد زوجها .
قلت : وهذا هو الصحيح لقوله عليه السلام
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832349إني ذاكر لك أمرا فلا عليك ألا تستعجلي حتى تستأمري أبويك رواه الصحيح ، وخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وصححه
الترمذي . وقد تقدم في أول الباب . وهو حجة لمن قال : إنه إذا خير الرجل امرأته أو ملكها أن لها أن تقضي في ذلك وإن افترقا من مجلسهما ، روي هذا عن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، وقال
مالك في إحدى روايتيه . قال
أبو عبيد : والذي عندنا في هذا الباب ، اتباع السنة في
عائشة في هذا الحديث ، حين جعل لها التخيير إلى أن تستأمر أبويها ، ولم يجعل قيامها من مجلسها خروجا من الأمر . قال
المروزي . هذا أصح الأقاويل عندي ، وقاله
ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي .