[ ص: 178 ] قوله تعالى : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما .
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : لما تزوج
زينب قال الناس : تزوج امرأة ابنه ، فنزلت الآية ، أي ليس هو بابنه حتى تحرم عليه حليلته ، ولكنه أبو أمته في التبجيل والتعظيم ، وأن نساءه عليهم حرام . فأذهب الله بهذه الآية ما وقع في نفوس المنافقين وغيرهم ، وأعلم أن
محمدا لم يكن أبا أحد من الرجال المعاصرين له في الحقيقة . ولم يقصد بهذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له ولد ، فقد ولد له ذكور .
إبراهيم ،
والقاسم ،
والطيب ،
والمطهر ، ولكن لم يعش له ابن حتى يصير رجلا . وأما
الحسن والحسين فكانا طفلين ، ولم يكونا رجلين معاصرين له .
الثانية : قوله تعالى : ولكن رسول الله قال
الأخفش والفراء : أي ولكن كان رسول الله . وأجازا ( ولكن رسول الله وخاتم ) بالرفع . وكذلك قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة وبعض الناس ( ولكن رسول الله ) بالرفع ، على معنى هو رسول الله وخاتم النبيين . وقرأت فرقة ( ولكن ) بتشديد النون ، ونصب ( رسول الله ) على أنه اسم ( لكن ) والخبر محذوف ، و ( خاتم ) قرأ
عاصم وحده بفتح التاء ، بمعنى أنهم به ختموا ، فهو كالخاتم والطابع لهم . وقرأ الجمهور بكسر التاء بمعنى أنه ختمهم ، أي جاء آخرهم . وقيل : الخاتم والخاتم لغتان ، مثل طابع وطابع ، ودانق ودانق ، وطابق من اللحم وطابق .
الثالثة : قال
ابن عطية : هذه الألفاظ عنه جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا متلقاة على العموم التام مقتضية نصا
أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في كتابه المسمى بالهداية : من تجويز الاحتمال في ألفاظ هذه الآية ضعيف . وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في هذه الآية ، وهذا المعنى في كتابه الذي سماه بالاقتصاد ، إلحاد عندي ، وتطرق خبيث إلى تشويش عقيدة المسلمين في ختم
محمد صلى الله عليه وسلم النبوة ، فالحذر الحذر منه ! والله الهادي برحمته .
قلت : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832359لا نبوة بعدي إلا ما شاء الله ) . قال
أبو عمر : يعني الرؤيا - والله أعلم - التي هي جزء منها ، كما قال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832360ليس يبقى بعدي من [ ص: 179 ] النبوة إلا الرؤيا الصالحة . وقرأ
ابن مسعود ( من رجالكم ولكن نبيا ختم النبيين ) . قال
الرماني : ختم به عليه الصلاة والسلام الاستصلاح ، فمن لم يصلح به فميئوس من صلاحه .
قلت : ومن هذا المعنى قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832361بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . وفي صحيح
مسلم عن
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832362مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون لولا موضع اللبنة - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=832363فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء . ونحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، غير أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832364فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين .