قوله تعالى :
وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون .
قوله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا أي وما أرسلناك إلا للناس كافة أي عامة ; في الكلام تقديم وتأخير . وقال
الزجاج : أي وما أرسلناك إلا جامعا للناس بالإنذار والإبلاغ . والكافة بمعنى الجامع . وقيل : معناه كافا للناس ، تكفهم عما هم فيه من الكفر وتدعوهم إلى الإسلام . والهاء للمبالغة . وقيل : أي إلا ذا كافة ، فحذف المضاف ، أي ذا منع للناس من أن يشذوا عن تبليغك ، أو ذا منع لهم من الكفر ، ومنه : كف الثوب ; لأنه ضم طرفيه . ( بشيرا ) أي بالجنة لمن أطاع . ( ونذيرا ) من النار لمن كفر . ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ما عند الله وهم المشركون ; وكانوا في ذلك الوقت أكثر من المؤمنين عددا . ويقولون متى هذا الوعد يعني موعدكم لنا بقيام الساعة . قل لهم يا
محمد لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون فلا يغرنكم تأخيره . والميعاد الميقات . ويعني بهذا الميعاد وقت البعث . وقيل وقت حضور الموت ; أي لكم قبل يوم القيامة وقت معين تموتون فيه فتعلمون حقيقة قولي . وقيل : أراد بهذا اليوم يوم
بدر ; لأن ذلك اليوم كان ميعاد عذابهم في الدنيا في حكم الله تعالى . وأجاز النحويون ( ميعاد يوم ) على أن ( ميعاد ) ابتداء و ( يوم ) بدل منه ، والخبر ( لكم ) . وأجازوا ( ميعاد يوما ) يكون ظرفا ، وتكون الهاء في ( عنه ) ترجع إلى ( يوما ) ولا يصح ( ميعاد يوم لا تستأخرون ) بغير تنوين ، وإضافة ( يوم ) إلى ما بعده إذا قدرت الهاء عائدة على اليوم ؛ لأن ذلك يكون من إضافة الشيء إلى نفسه من أجل الهاء التي في الجملة . ويجوز ذلك على أن تكون الهاء للميعاد لا لليوم .