قوله تعالى :
وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير .
قوله تعالى : وما آتيناهم من كتب يدرسونها أي لم يقرءوا في كتاب أوتوه بطلان ما جئت به ، ولا سمعوه من رسول بعث إليهم ، كما قال :
أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون فليس لتكذيبهم وجه يتشبث به ولا شبهة متعلق ; كما يقول أهل الكتاب - وإن كانوا مبطلين - : نحن أهل كتاب وشرائع ومستندون إلى رسل من رسل الله ، ثم توعدهم على
[ ص: 279 ] تكذيبهم بقوله الحق :
وكذب الذين من قبلهم أي كذب قبلهم أقوام كانوا أشد من هؤلاء بطشا وأكثر أموالا وأولادا وأوسع عيشا ، فأهلكتهم
كثمود وعاد . وما بلغوا أي ما بلغ
أهل مكة معشار ما آتيناهم تلك الأمم . والمعشار والعشر سواء ، لغتان . وقيل : المعشار عشر العشر .
الجوهري : ومعشار الشيء عشره ، ولا يقولون هذا في شيء سوى العشر . وقال : ما بلغ الذين من قبلهم معشار شكر ما أعطيناهم ; حكاه
النقاش . وقيل : ما أعطى الله تعالى من قبلهم معشار ما أعطاهم من العلم والبيان والحجة والبرهان . قال
ابن عباس : فليس أمة أعلم من أمته ، ولا كتاب أبين من كتابه . وقيل : المعشار هو عشر العشير ، والعشير هو عشر العشر فيكون جزءا من ألف جزء . الماوردي : وهو الأظهر ؛ لأن المراد به المبالغة في التقليل .
فكذبوا رسلي فكيف كان نكير أي عقابي في الأمم ، وفيه محذوف وتقديره : فأهلكناهم فكيف كان نكيري .