قوله تعالى :
وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور .
قوله تعالى : وما يستوي الأعمى والبصير أي الكافر والمؤمن والجاهل والعالم . مثل :
قل لا يستوي الخبيث والطيب .
ولا الظلمات ولا النور قال
الأخفش سعيد : لا زائدة ; والمعنى ولا الظلمات والنور
ولا الظل ولا الحرور . قال
الأخفش : والحرور لا يكون إلا مع شمس النهار ، والسموم يكون بالليل ، أو قيل بالعكس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة بن العجاج : ( الحرور ) تكون بالنهار خاصة ، والسموم يكون بالليل خاصة ، حكاه
المهدوي . وقال
الفراء : السموم لا يكون إلا بالنهار ، والحرور يكون فيهما .
النحاس : وهذا أصح ; لأن ( الحرور ) فعول من الحر ، وفيه معنى التكثير ، أي الحر المؤذي .
قلت : وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
قالت النار رب أكل بعضي بعضا فأذن لي أتنفس فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم . وروي من حديث
الزهري عن
سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864732فما تجدون من الحر فمن سمومها وشدة ما تجدون من البرد فمن زمهريرها وهذا يجمع تلك الأقوال ، وأن السموم والحرور يكون بالليل والنهار ; فتأمله . وقيل : المراد بالظل والحرور الجنة والنار ; فالجنة ذات ظل دائم ، كما قال تعالى :
[ ص: 305 ] أكلها دائم وظلها والنار ذات حرور ، وقال معناه
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . وقال
ابن عباس : أي ظل الليل ، وحر السموم بالنهار . قطرب : الحرور الحر ، والظل البرد .
وما يستوي الأحياء ولا الأموات قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : الأحياء العقلاء ، والأموات الجهال . قال
قتادة : هذه كلها أمثال ; أي كما لا تستوي هذه الأشياء كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن .
إن الله يسمع من يشاء أي يسمع أولياءه الذين خلقهم لجنته .
وما أنت بمسمع من في القبور أي الكفار الذين أمات الكفر قلوبهم ; أي كما لا تسمع من مات ، كذلك لا تسمع من مات قلبه . وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى الثقفي وعمرو بن ميمون : ( بمسمع من في القبور ) بحذف التنوين تخفيفا ; أي هم بمنزلة أهل القبور في أنهم لا ينتفعون بما يسمعونه ولا يقبلونه .