قوله تعالى :
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا .
قوله تعالى : إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا لما بين أن آلهتهم لا تقدر على خلق شيء من السماوات والأرض بين أن خالقهما وممسكهما هو الله ، فلا يوجد حادث إلا بإيجاده ، ولا يبقى إلا ببقائه . و ( أن ) في موضع نصب بمعنى كراهة أن تزولا ، أو لئلا تزولا ، أو يحمل على المعنى ; لأن المعنى أن الله يمنع السماوات والأرض أن تزولا ، فلا حاجة على هذا إلى إضمار ، وهذا قول
الزجاج .
ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا قال
الفراء : أي ولو زالتا ما أمسكهما من أحد . و ( إن ) بمعنى ما . قال : وهو مثل قوله :
ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون . وقيل : المراد زوالهما يوم القيامة .
وعن
إبراهيم قال : دخل رجل من أصحاب
ابن مسعود إلى
كعب الأحبار يتعلم منه العلم ، فلما رجع قال له
ابن مسعود : ما الذي أصبت من
كعب ؟ قال سمعت
كعبا يقول : إن السماء تدور على قطب مثل قطب الرحى ، في عمود على منكب ملك ; فقال له
عبد الله : وددت أنك انقلبت براحلتك ورحلها ، كذب
كعب ، ما ترك يهوديته ! إن الله تعالى يقول :
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا إن السماوات لا تدور ، ولو كانت تدور لكانت قد زالت . وعن
ابن عباس نحوه ، وأنه قال لرجل مقبل من
الشام : من لقيت به ؟ قال
كعبا . قال : وما سمعته يقول ؟ قال : سمعته يقول : إن السماوات على منكب ملك . قال : كذب
كعب ، أما ترك يهوديته بعد ! إن الله تعالى يقول :
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا والسماوات سبع والأرضون سبع ، ولكن لما ذكرهما أجراهما مجرى شيئين ، فعادت الكناية إليهما ، وهو كقوله تعالى :
أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ثم ختم الآية بقوله :
إنه كان حليما غفورا لأن المعنى فيما ذكره بعض أهل التأويل : أن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا من كفر الكافرين ، وقولهم اتخذ الله ولدا . قال
الكلبي : لما قالت
اليهود عزير ابن الله وقالت
النصارى المسيح ابن الله ، كادت السماوات والأرض أن
[ ص: 320 ] تزولا عن أمكنتهما ، فمنعهما الله ، وأنزل هذه الآية فيه ; وهو كقوله تعالى :
لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه الآية .