قوله تعالى :
وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب .
قوله تعالى : وعجبوا أن جاءهم منذر منهم أن في موضع نصب ، والمعنى من أن جاءهم . قيل : هو متصل بقوله :
في عزة وشقاق أي : في عزة وشقاق وعجبوا ، وقوله : كم أهلكنا معترض . وقيل : لا بل هذا ابتداء كلام ، أي : ومن جهلهم أنهم أظهروا التعجب من أن جاءهم منذر منهم .
فقال الكافرون هذا ساحر أي يجيء بالكلام المموه الذي يخدع به الناس ، وقيل : يفرق بسحره بين الوالد وولده والرجل وزوجته
كذاب أي في دعوى النبوة .
قوله تعالى : أجعل الآلهة إلها واحدا مفعولان أي : صير الآلهة إلها واحدا .
إن هذا لشيء عجاب أي عجيب . وقرأ
السلمي : " عجاب " بالتشديد . والعجاب والعجاب والعجب سواء . وقد فرق
الخليل بين عجيب وعجاب فقال : العجيب العجب ، والعجاب الذي قد تجاوز حد العجب ، والطويل الذي فيه طول ، والطوال ، الذي قد تجاوز حد الطول . وقال
الجوهري : العجيب الأمر الذي يتعجب منه ، وكذلك العجاب بالضم ، والعجاب بالتشديد أكثر منه ، وكذلك الأعجوبة . وقال
مقاتل : " عجاب " لغة
أزد شنوءة . وروى
سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831012مرض أبو طالب فجاءت قريش إليه ، وجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعند رأس أبي طالب مجلس رجل ، فقام أبو جهل كي يمنعه ، قال : وشكوه إلى أبي طالب ، فقال : يا ابن أخي ما تريد من قومك ؟ فقال : يا عم ، إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم بها الجزية العجم ، فقال : وما هي ؟ قال : لا إله إلا الله . قال : فقالوا أجعل الآلهة إلها واحدا [ ص: 136 ] قال : فنزل فيهم القرآن : ص والقرآن ذي الذكر . بل الذين كفروا في عزة وشقاق حتى بلغ إن هذا إلا اختلاق خرجه
الترمذي أيضا بمعناه . وقال : هذا حديث حسن صحيح . وقيل :
لما أسلم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شق على قريش إسلامه فاجتمعوا إلى أبي طالب وقالوا : اقض بيننا وبين ابن أخيك . فأرسل أبو طالب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا ابن أخي ، هؤلاء قومك يسألونك السواء ، فلا تمل كل الميل على قومك . قال : وماذا يسألونني ؟ قالوا : ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أتعطونني كلمة واحدة وتملكون بها العرب ، وتدين لكم بها العجم ، فقال أبو جهل : لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : قولوا لا إله إلا الله . فنفروا من ذلك وقاموا ، فقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا فكيف يسع الخلق كلهم إله واحد . فأنزل الله فيهم هذه الآيات إلى قوله : كذبت قبلهم قوم نوح .