قوله تعالى :
وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب .
قوله تعالى : وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ينظر بمعنى ينتظر ، ومنه قوله تعالى :
انظرونا نقتبس من نوركم هؤلاء يعني كفار
مكة .
إلا صيحة واحدة أي : نفخة القيامة . أي : ما ينتظرون بعد ما أصيبوا
ببدر إلا صيحة القيامة . وقيل : ما ينتظر أحياؤهم الآن إلا الصيحة التي هي النفخة في الصور ، كما قال تعالى :
ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهو يخصمون فلا يستطيعون توصية وهذا إخبار عن قرب القيامة والموت . وقيل : أي : ما ينتظر كفار آخر هذه الأمة المتدينين بدين أولئك إلا صيحة واحدة وهي النفخة . وقال
عبد الله بن عمرو : لم تكن صيحة في السماء إلا بغضب من الله - عز وجل - على أهل الأرض .
ما لها من فواق أي من ترداد ، عن
ابن عباس .
مجاهد : ما لها رجوع .
قتادة : ما لها من مثنوية .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ما لها من إفاقة . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " ما لها من فواق " بضم الفاء . الباقون بالفتح .
الجوهري : والفواق والفواق ما بين الحلبتين من الوقت ; لأنها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب . يقال : ما أقام عنده إلا فواقا ، وفي الحديث : ( العيادة قدر فواق الناقة ) . وقوله تعالى :
ما لها من فواق يقرأ بالفتح والضم أي : ما لها من نظرة وراحة وإفاقة . والفيقة بالكسر اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين : صارت الواو ياء لكسر ما قبلها ، قال
الأعشى يصف بقرة :
[ ص: 141 ] حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت جاءت لترضع شق النفس لو رضعا
والجمع فيق ثم أفواق ، مثل : شبر وأشبار ، ثم أفاويق . قال
ابن همام السلولي :
وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها أفاويق حتى ما يدر لها ثعل
والأفاويق أيضا ما اجتمع في السحاب من ماء ، فهو يمطر ساعة بعد ساعة . وأفاقت الناقة إفاقة أي : اجتمعت الفيقة في ضرعها ، فهي مفيق ومفيقة - عن
أبي عمرو - والجمع مفاويق . وقال
الفراء وأبو عبيدة وغيرهما : من فواق بفتح الفاء أي : راحة لا يفيقون فيها ، كما يفيق المريض والمغشي عليه . و " من فواق " بضم الفاء : من انتظار . وقد تقدم أنهما بمعنى وهو ما بين الحلبتين .
قلت : والمعنى المراد أنها ممتدة لا تقطيع فيها . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في طائفة من أصحابه . . . الحديث . وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864841يأمر الله - عز وجل - إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول : انفخ نفخة الفزع ، فيفزع أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله ، ويأمره فيمدها ويديمها ويطولها . يقول الله - عز وجل - : ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق . . . وذكر الحديث ، خرجه
علي بن معبد وغيره كما ذكرناه في كتاب التذكرة .
قوله تعالى : وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب قال
مجاهد : عذابنا . وكذا قال
قتادة : نصيبنا من العذاب .
الحسن : نصيبنا من الجنة لنتنعم به في الدنيا . وقال
سعيد بن جبير . ومعروف في اللغة أن يقال للنصيب قط ، وللكتاب المكتوب بالجائزة قط . قال
الفراء : القط في كلام العرب الحظ والنصيب . ومنه قيل للصك قط . وقال
أبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : القط الكتاب بالجوائز ، والجمع القطوط ، قال
الأعشى :
ولا الملك النعمان يوم لقيته بغبطته يعطي القطوط ويأفق
يعني كتب الجوائز . ويروى : بأمته بدل بغبطته ، أي : بنعمته وحاله الجليلة ، ويأفق : يصلح . ويقال : في جمع قط أيضا قططة ، وفي القليل أقط وأقطاط . ذكره
النحاس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : سألوا أن يمثل لهم منازلهم من الجنة ليعلموا حقيقة ما يوعدون به . وقال
إسماعيل بن أبي خالد : المعنى عجل لنا أرزاقنا . وقيل : معناه عجل لنا ما يكفينا ، من قولهم : قطني ، أي : يكفيني . وقيل : إنهم قالوا ذلك استعجالا لكتبهم التي يعطونها بأيمانهم وشمائلهم حين تلي
[ ص: 142 ] عليهم بذلك القرآن . وهو قوله تعالى :
فأما من أوتي كتابه بيمينه وأما من أوتي كتابه وراء ظهره وأصل القط القط وهو القطع ، ومنه قط القلم ، فالقط اسم للقطعة من الشيء كالقسم والقسم ، فأطلق على النصيب والكتاب والرزق لقطعه عن غيره ، إلا أنه في الكتاب أكثر استعمالا وأقوى حقيقة . قال
أمية بن أبي الصلت :
قوم لهم ساحة العراق وما يجبى إليه والقط والقلم
قبل يوم الحساب أي قبل يوم القيامة في الدنيا إن كان الأمر كما يقول
محمد . وكل هذا استهزاء منهم .