السادسة : في
رد الأحاديث التي احتج بها الإمامية في النص على علي رضي الله عنه ، وأن الأمة كفرت بهذا النص وارتدت ، وخالفت أمر الرسول عنادا ، منها قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830223من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . قالوا : والمولى في اللغة بمعنى أولى ، فلما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830224فعلي مولاه بفاء التعقيب علم أن المراد بقوله " مولى " أنه أحق وأولى . فوجب أن يكون أراد بذلك الإمامة وأنه مفترض الطاعة ، وقوله عليه السلام
لعلي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830225أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي . قالوا : ومنزلة
هارون معروفة ، وهو أنه كان مشاركا له في النبوة ولم يكن ذلك
لعلي ، وكان أخا له ولم يكن ذلك
لعلي ، وكان خليفة ، فعلم أن المراد به الخلافة ، إلى غير ذلك مما احتجوا به على ما يأتي ذكره في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى .
والجواب عن الحديث الأول : أنه ليس بمتواتر ، وقد اختلف في صحته ، وقد طعن فيه
[ ص: 254 ] أبو داود السجستاني nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم الرازي ، واستدلا على بطلانه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836882مزينة وجهينة وغفار وأسلم موالي دون الناس كلهم ليس لهم مولى دون الله ورسوله . قالوا : فلو كان قد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830226من كنت مولاه فعلي مولاه لكان أحد الخبرين كذبا .
جواب ثان : وهو أن الخبر وإن كان صحيحا رواه ثقة عن ثقة فليس فيه ما يدل على إمامته ، وإنما يدل على فضيلته ، وذلك أن المولى بمعنى الولي ، فيكون معنى الخبر : من كنت وليه فعلي وليه ، قال الله تعالى :
فإن الله هو مولاه أي وليه . وكان المقصود من الخبر أن يعلم الناس أن ظاهر علي كباطنه ، وذلك فضيلة عظيمة
لعلي .
جواب ثالث : وهو أن هذا الخبر ورد على سبب ، وذلك أن
أسامة وعليا اختصما ، فقال
علي لأسامة : أنت مولاي . فقال : لست مولاك ، بل أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830226من كنت مولاه فعلي مولاه .
جواب رابع : وهو أن
عليا عليه السلام لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك في
عائشة رضي الله عنها : النساء سواها كثير . شق ذلك عليها ، فوجد أهل النفاق مجالا فطعنوا عليه وأظهروا البراءة منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا المقال ردا لقولهم ، وتكذيبا لهم فيما قدموا عليه من البراءة منه والطعن فيه ، ولهذا ما روي عن جماعة من الصحابة أنهم قالوا : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ببغضهم
لعلي عليه السلام . وأما الحديث الثاني فلا خلاف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد بمنزلة
هارون من
موسى الخلافة بعده ، ولا خلاف أن
هارون مات قبل
موسى عليهما السلام - على ما يأتي من بيان وفاتيهما في سورة " المائدة " - وما كان خليفة بعده وإنما كان الخليفة
يوشع بن نون ، فلو أراد بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830227أنت مني بمنزلة هارون من موسى - الخلافة لقال : أنت مني بمنزلة
يوشع من
موسى ، فلما لم يقل هذا دل على أنه لم يرد هذا ، وإنما أراد أني استخلفتك على أهلي في حياتي وغيبوبتي عن أهلي ، كما كان
هارون خليفة
موسى على قومه لما خرج إلى مناجاة ربه . وقد قيل : إن هذا الحديث خرج على سبب ، وهو
[ ص: 255 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة
تبوك استخلف
عليا عليه السلام في
المدينة على أهله وقومه ، فأرجف به أهل النفاق وقالوا : إنما خلفه بغضا وقلى له ، فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال له : إن المنافقين قالوا كذا وكذا فقال :
كذبوا بل خلفتك كما خلف موسى هارون . وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830228أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى . وإذا ثبت أنه أراد الاستخلاف على زعمهم فقد شارك
عليا في هذه الفضيلة غيره ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف في كل غزاة غزاها رجلا من أصحابه ، منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ،
ومحمد بن مسلمة وغيرهما من أصحابه ، على أن مدار هذا الخبر على
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص وهو خبر واحد . وروي في مقابلته
لأبي بكر وعمر ما هو أولى منه . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أنفذ
معاذ بن جبل إلى
اليمن قيل له : ألا تنفذ
أبا بكر وعمر ؟ فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836887إنهما لا غنى بي عنهما إن منزلتهما مني بمنزلة السمع والبصر من الرأس . وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830229هما وزيراي في أهل الأرض . وروي عنه عليه السلام أنه قال :
أبو بكر وعمر بمنزلة هارون من موسى . وهذا الخبر ورد ابتداء ، وخبر علي ورد على سبب ، فوجب أن يكون
أبو بكر أولى منه بالإمامة ، والله أعلم .