قوله تعالى :
إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قوله تعالى : إنك ميت وإنهم ميتون وقرأ
ابن محيصن nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق " إنك مائت وإنهم مائتون " وهي قراءة حسنة وبها قرأ
عبد الله بن الزبير .
النحاس : ومثل هذه الألف تحذف في الشواذ و " مائت " في المستقبل كثير في كلام العرب ، ومثله : ما كان مريضا وإنه لمارض من هذا الطعام . وقال
الحسن والفراء nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : الميت بالتشديد من لم يمت وسيموت ، والميت بالتخفيف من فارقته الروح ، فلذلك لم تخفف هنا . قال
قتادة : نعيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه ، ونعيت إليكم أنفسكم . وقال
ثابت البناني : نعى رجل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16237صلة بن أشيم أخا له فوافقه يأكل ، فقال : ادن فكل فقد نعي إلي أخي منذ حين ، قال : وكيف وأنا أول من أتاك بالخبر . قال إن الله تعالى نعاه إلي فقال :
إنك ميت وإنهم ميتون . وهو خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبره بموته وموتهم ، فاحتمل خمسة أوجه :
[ أحدها ] أن يكون
[ ص: 227 ] ذلك تحذيرا من الآخرة . [ الثاني ] أن يذكره حثا على العمل . [ الثالث ] أن يذكره توطئة للموت . [ الرابع ] لئلا يختلفوا في موته كما اختلفت الأمم في غيره ، حتى إن
عمر - رضي الله عنه - لما أنكر موته احتج
أبو بكر - رضي الله عنه - بهذه الآية فأمسك . [ الخامس ] ليعلمه أن الله تعالى قد سوى فيه بين خلقه مع تفاضلهم في غيره ، لتكثر فيه السلوة وتقل فيه الحسرة .
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون يعني تخاصم الكافر والمؤمن والظالم والمظلوم ، قال
ابن عباس وغيره . وفي خبر فيه طول :
إن الخصومة تبلغ يوم القيامة إلى أن يحاج الروح الجسد . وقال
الزبير :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831052لما نزلت هذه الآية قلنا : يا رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ قال : نعم ، ليكررن عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه . فقال الزبير : والله إن الأمر لشديد . وقال ابن عمر : لقد عشنا برهة من دهرنا ونحن نرى هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين : ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون فقلنا : وكيف نختصم ونبينا واحد وديننا واحد ، حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف ، فعرفت أنها فينا نزلت . وقال
أبو سعيد الخدري : ( كنا نقول : ربنا واحد ، وديننا واحد ، ونبينا واحد ، فما هذه الخصومة ؟ فلما كان يوم
صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا : نعم هو هذا ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : لما نزلت هذه الآية جعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون : ما خصومتنا بيننا ؟ فلما قتل
عثمان - رضي الله عنه - قالوا : هذه خصومتنا بيننا . وقيل : تخاصمهم هو تحاكمهم إلى الله تعالى ، فيستوفي من حسنات الظالم بقدر مظلمته ، ويردها في حسنات من وجبت له . وهذا عام في جميع المظالم كما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831053أتدرون من المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار خرجه
مسلم . وقد مضى المعنى مجودا في [ آل عمران ] وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831054من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه . وفي الحديث المسند :
أول ما تقع الخصومات في الدنيا وقد ذكرنا هذا الباب كله في التذكرة مستوفى .