قوله تعالى :
أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور .
قوله تعالى : أم يقولون افترى على الله كذبا الميم صلة ، والتقدير : أيقولون افترى . واتصل الكلام بما قبل ; لأن الله تعالى لما قال :
وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب [ ص: 25 ] وقال :
الله الذي أنزل الكتاب بالحق قال إتماما للبيان :
أم يقولون افترى على الله كذبا يعني كفار
قريش قالوا : إن
محمدا اختلق الكذب على الله .
فإن يشإ الله يختم شرط وجوابه ، ( على قلبك ) قال
قتادة : يطبع على قلبك فينسيك القرآن ، فأخبرهم الله أنه لو افترى عليه لفعل
بمحمد ما أخبرهم به في هذه الآية . وقال
مجاهد ومقاتل : إن يشإ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يدخل قلبك مشقة من قولهم . وقيل : المعنى إن يشأ يزل تمييزك . وقيل : المعنى لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لطبع على قلبك ، قاله
ابن عيسى . وقيل : فإن يشإ الله يختم على قلوب الكفار وعلى ألسنتهم وعاجلهم بالعقاب . فالخطاب له والمراد الكفار ، ذكره
القشيري . ثم ابتدأ فقال :
ويمح الله الباطل قال
ابن الأنباري :
يختم على قلبك تام . وقال
الكسائي : فيه تقديم وتأخير ، مجازه : والله يمحو الباطل ، فحذف منه الواو في المصحف ، وهو في موضع رفع . كما حذفت من قوله :
سندع الزبانية ،
ويدع الإنسان ولأنه عطف على قوله :
يختم على قلبك وقال
الزجاج : قوله :
أم يقولون افترى على الله كذبا تمام ، وقوله :
ويمح الله الباطل احتجاج على من أنكر ما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أي : لو كان ما أتى به باطلا لمحاه كما جرت به عادته في المفترين .
ويحق الحق أي الإسلام فيثبته ( بكلماته ) أي بما أنزله من القرآن .
إنه عليم بذات الصدور عام ، أي : بما في قلوب العباد . وقيل : خاص . والمعنى أنك لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لعلمه وطبع على قلبك .