قوله تعالى :
والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون .
فيه مسألتان :
الأولى :
قوله تعالى : والذين يجتنبون ( الذين ) في موضع جر معطوف على قوله :
خير وأبقى للذين آمنوا أي : وهو للذين يجتنبون
كبائر الإثم قد مضى القول في الكبائر في ( النساء ) وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( كبير الإثم ) والواحد قد يراد به الجمع عند الإضافة ، كقوله تعالى :
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، وكما جاء في الحديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831104منعت العراق درهمها وقفيزها ) . الباقون بالجمع هنا وفي ( النجم ) . : ( والفواحش ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يعني الزنى . وقاله
ابن عباس . وقال : كبير الإثم الشرك . وقال قوم : كبائر الإثم ما تقع على الصغائر مغفورة عند اجتنابها . والفواحش داخلة في الكبائر ، ولكنها تكون أفحش وأشنع كالقتل بالنسبة إلى الجرح ، والزنى بالنسبة إلى المراودة . وقيل : الفواحش والكبائر بمعنى واحد ، فكرر لتعدد اللفظ ، أي : يجتنبون المعاصي لأنها كبائر وفواحش . وقال
مقاتل : الفواحش موجبات الحدود .
الثانية : قوله تعالى :
وإذا ما غضبوا هم يغفرون أي يتجاوزون ويحلمون عمن ظلمهم . قيل : نزلت في
عمر حين شتم
بمكة . وقيل : في
أبي بكر حين لامه الناس على إنفاق ماله كله وحين شتم فحلم . وعن
علي - رضي الله عنه - قال : اجتمع
لأبي بكر مال مرة ، فتصدق به كله في سبيل الخير ، فلامه المسلمون وخطأه الكافرون فنزلت :
فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إلى قوله
وإذا ما غضبوا هم يغفرون وقال
ابن عباس : شتم رجل من المشركين
أبا بكر فلم يرد عليه شيئا ،
[ ص: 35 ] فنزلت الآية . وهذه من محاسن الأخلاق ، يشفقون على ظالمهم ويصفحون لمن جهل عليهم ، يطلبون بذلك ثواب الله تعالى وعفوه ، لقوله تعالى في آل عمران :
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس . وهو أن يتناولك الرجل فتكظم غيظك عنه . وأنشد بعضهم :
إني عفوت لظالمي ظلمي ووهبت ذاك له على علمي مازال يظلمني وأرحمه
حتى بكيت له من الظلم