قوله تعالى :
أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين
.
قوله تعالى : أفنضرب عنكم الذكر صفحا يعني : القرآن ، عن
الضحاك وغيره . وقيل : المراد بالذكر العذاب ، أي : أفنضرب عنكم العذاب ولا نعاقبكم على إسرافكم
[ ص: 59 ] وكفركم ، قاله
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، ورواه
العوفي عن
ابن عباس .
وقال
ابن عباس : المعنى أفحسبتم أن نصفح عنكم العذاب ولما تفعلوا ما أمرتم به . وعنه أيضا أن المعنى أتكذبون بالقرآن ولا تعاقبون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أيضا : المعنى أفنترككم سدى فلا نأمركم ولا ننهاكم .
وقال
قتادة : المعنى أفنهلككم ولا نأمركم ولا ننهاكم . وعنه أيضا : أفنمسك عن إنزال القرآن من قبل أنكم لا تؤمنون به فلا ننزله عليكم . وقاله
ابن زيد . قال
قتادة : والله لو كان هذا القرآن رفع حين رددته أوائل هذه الأمة لهلكوا ، ولكن الله ردده وكرره عليهم برحمته . وقال
الكسائي : أفنطوي عنكم الذكر طيا فلا توعظون ولا تؤمرون . وقيل : الذكر التذكر ، فكأنه قال : أنترك تذكيركم لأن كنتم قوما مسرفين ، في قراءة من فتح . ومن كسر جعلها للشرط وما قبلها جوابا لها ; لأنها لم تعمل في اللفظ . ونظيره :
وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين وقيل : الجواب محذوف دل عليه ما تقدم ، كما تقول : أنت ظالم إن فعلت . ومعنى الكسر عند
الزجاج الحال ; لأن في الكلام معنى التقرير والتوبيخ .
ومعنى ( صفحا ) إعراضا ، يقال صفحت عن فلان إذا أعرضت عن ذنبه . وقد ضربت عنه صفحا إذا أعرضت عنه وتركته . والأصل ، فيه صفحة العنق ، يقال : أعرضت عنه أي : وليته صفحة عنقي . قال الشاعر :
صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة فمن مل منها ذلك الوصل ملت
وانتصب ( صفحا ) على المصدر لأن معنى ( أفنضرب ) أفنصفح . وقيل : التقدير أفنضرب عنكم الذكر صافحين ، كما يقال : جاء فلان مشيا . ومعنى : مسرفين مشركين . واختار
أبو عبيدة الفتح في ( أن ) وهي قراءة
ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وابن عامر ، قال : لأن الله تعالى عاتبهم على ما كان منهم ، وعلمه قبل ذلك من فعلهم .