قوله تعالى : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين .
قوله تعالى :
الأخلاء يومئذ يريد يوم القيامة . ( بعضهم لبعض عدو ) أي : أعداء ، يعادي بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا . ( إلا المتقين ) فإنهم أخلاء في الدنيا والآخرة ، قال معناه
ابن عباس ومجاهد وغيرهما . وحكى
النقاش أن
هذه الآية نزلت في أمية بن خلف الجمحي وعقبة بن أبي معيط ، كانا خليلين ، وكان
عقبة يجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت
قريش : قد
[ ص: 101 ] صبأ
عقبة بن أبي معيط ، فقال له
أمية : وجهي من وجهك حرام إن لقيت
محمدا ولم تتفل في وجهه ، ففعل
عقبة ذلك ، فنذر النبي - صلى الله عليه وسلم - قتله ، فقتله يوم
بدر صبرا ، وقتل
أمية في المعركة ، وفيهم نزلت هذه الآية . وذكر
الثعلبي - رضي الله عنه - في هذه الآية قال : كان خليلان مؤمنان وخليلان كافران ، فمات أحد المؤمنين فقال : يا رب ، إن فلانا كان يأمرني بطاعتك ، وطاعة رسولك ، وكان يأمرني بالخير وينهاني عن الشر . ويخبرني أني ملاقيك ، يا رب فلا تضله بعدي ، واهده كما هديتني ، وأكرمه كما أكرمتني . فإذا مات خليله المؤمن جمع الله بينهما ، فيقول الله تعالى : ليثن كل واحد منكما على صاحبه ، فيقول : يا رب ، إنه كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر ، ويخبرني أني ملاقيك ، فيقول الله تعالى : نعم الخليل ونعم الأخ ونعم الصاحب كان . قال : ويموت أحد الكافرين فيقول : يا رب ، إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، فأسألك يا رب ألا تهده بعدي ، وأن تضله كما أضللتني ، وأن تهينه كما أهنتني ، فإذا مات خليله الكافر قال الله تعالى لهما : ليثن كل واحد منكما على صاحبه ، فيقول : يا رب ، إنه كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك ، فأسألك أن تضاعف عليه العذاب ، فيقول الله تعالى : بئس الصاحب والأخ والخليل كنت . فيلعن كل واحد منهما صاحبه .
قلت : والآية عامة في كل مؤمن ومتق وكافر ومضل .