[ ص: 110 ] قوله تعالى :
قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون .
قوله تعالى : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين اختلف في معناه ، فقال
ابن عباس والحسن nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : المعنى ما كان للرحمن ولد ، ف ( إن ) بمعنى ما ، ويكون الكلام على هذا تاما ، ثم تبتدئ : ( فأنا أول العابدين ) أي : الموحدين من
أهل مكة على أنه لا ولد له . والوقف على ( العابدين ) تام . وقيل : المعنى قل يا
محمد إن ثبت لله ولد فأنا أول من يعبد ولده ، ولكن يستحيل أن يكون له ولد ، وهو كما تقول لمن تناظره : إن ثبت بالدليل فأنا أول من يعتقده ، وهذا مبالغة في الاستبعاد ، أي : لا سبيل إلى اعتقاده . وهذا ترقيق في الكلام ، كقوله :
وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين . والمعنى على هذا : ترقيق في الكلام ، كقوله :
وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين . والمعنى على هذا : فأنا أول العابدين لذلك الولد ، لأن تعظيم الولد تعظيم للوالد . وقال
مجاهد : المعنى إن كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده وحده ، على أنه لا ولد له . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أيضا : المعنى لو كان له ولد كنت أول من عبده على أن له ولدا ، ولكن لا ينبغي ذلك . قال
المهدوي : فإن على هذه الأقوال للشرط ، وهو الأجود ، وهو اختيار
الطبري ، لأن كونها بمعنى ما يتوهم معه أن المعنى لم يكن له فيما مضى . وقيل : إن معنى العابدين الآنفين . وقال بعض العلماء : لو كان كذلك لكان العبدين . وكذلك قرأ
أبو عبد الرحمن واليماني فأنا أول العبدين بغير ألف ، يقال : عبد يعبد عبدا ( بالتحريك ) إذا أنف وغضب فهو عبد ، والاسم العبدة مثل الأنفة ، عن
أبي زيد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
أولئك أجلاسي فجئني بمثلهم وأعبد أن أهجو كلبا بدارم
وينشد أيضا :
أولئك ناس إن هجوني هجوتهم وأعبد أن يهجى كليب بدارم
قال
الجوهري : وقال
أبو عمرو وقوله تعالى : ( فأنا أول العابدين ) من الأنف والغضب ، وقال
الكسائي والقتبي ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي عنهما . وقال
الهروي : وقوله تعالى : ( فأنا أول العابدين ) قيل هو من عبد يعبد ، أي : من الآنفين . وقال
ابن عرفة : إنما يقال عبد يعبد فهو عبد ، وقلما يقال عابد ، والقرآن لا يأتي بالقليل من اللغة ولا الشاذ ، ولكن المعنى فأنا أول من يعبد الله - عز وجل - على أنه واحد لا ولد له . وروي أن امرأة دخلت على زوجها فولدت منه لستة أشهر ، فذكر ذلك
لعثمان - رضي الله عنه - فأمر برجمها ، فقال له
علي : قال الله تعالى : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وقال في آية أخرى : وفصاله في عامين فوالله ما عبد
عثمان أن
[ ص: 111 ] بعث إليها ترد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب : يعني ما استنكف ولا أنف . وقال
ابن الأعرابي فأنا أول العابدين أي : الغضاب الآنفين . وقيل :
فأنا أول العابدين أي : أنا أول من يعبده على الوحدانية مخالفا لكم .
أبو عبيدة : معناه الجاحدين ، وحكى : عبدني حقي أي : جحدني . وقرأ
أهل الكوفة إلا عاصما ( ولد ) بضم الواو وإسكان اللام . الباقون وعاصم ( ولد ) وقد تقدم . ( سبحان رب السماوات والأرض ) أي تنزيها له وتقديسا . نزه نفسه عن كل ما يقتضي الحدوث ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتنزيه . ( عما يصفون ) أي عما يقولون من الكذب .