قوله تعالى : كذلك وزوجناهم بحور عين
.
قوله تعالى : كذلك أي الأمر كذلك الذي ذكرناه . فيوقف على كذلك وقيل : أي : كما أدخلناهم الجنة وفعلنا بهم ما تقدم ذكره ، كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم حورا عينا وقد مضى الكلام في العين في ( والصافات ) والحور : البيض ، في قول
قتادة والعامة ،
[ ص: 142 ] جمع حوراء . والحوراء : البيضاء التي يرى ساقها من وراء ثيابها ، ويرى الناظر وجهه في كعبها ، كالمرآة من دقة الجلد وبضاضة البشرة وصفاء اللون . ودليل هذا التأويل أنها في حرف
ابن مسعود ( بعيس عين ) وذكر
أبو بكر الأنباري أخبرنا
أحمد بن الحسين قال حدثنا
حسين قال حدثنا
عمار بن محمد قال : صليت خلف
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر فقرأ في ( حم ) الدخان ( بعيس عين . لا يذوقون طعم الموت إلا الموتة الأولى ) والعيس : البيض ، ومنه قيل للإبل البيض : عيس ، واحدها بعير أعيس وناقة عيساء . قال
امرؤ القيس :
يرعن إلى صوتي إذا ما سمعنه كما ترعوي عيط إلى صوت أعيسا
فمعنى الحور هنا : الحسان الثاقبات البياض بحسن . وذكر
ابن المبارك أخبرنا
معمر عن
أبي إسحاق عن
عمرو بن ميمون الأودي عن
ابن مسعود قال :
إن المرأة من الحور العين ليرى مخ ساقها من وراء اللحم والعظم ، ومن تحت سبعين حلة ، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء . وقال
مجاهد : إنما سميت الحور حورا لأنهن يحار الطرف في حسنهن وبياضهن وصفاء لونهن . وقيل : إنما قيل لهن حور لحور أعينهن . والحور : شدة بياض العين في شدة سوادها . امرأة حوراء بينة الحور . يقال : احورت عينه احورارا ، واحور الشيء ابيض . قال
الأصمعي : ما أدري ما الحور في العين ؟ وقال
أبو عمرو : الحور أن تسود العين كلها مثل أعين الظباء والبقر . قال : وليس في بني آدم حور ، وإنما قيل للنساء : حور العين لأنهن يشبهن بالظباء والبقر . وقال
العجاج : .
بأعين محورات حور
يعني الأعين النقيات البياض الشديدات سواد الحدق . والعين جمع عيناء ، وهي الواسعة العظيمة العينين . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
مهور الحور [ ص: 143 ] العين قبضات التمر وفلق الخبز . وعن
أبي قرصافة سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=866077إخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين ) . وعن
أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (
كنس المساجد مهور الحور العين ) ذكره
الثعلبي رحمه الله . وقد أفردنا لهذا المعنى بابا مفردا في ( كتاب التذكرة ) والحمد لله .
واختلف أيما أفضل في الجنة ، نساء الآدميات أم الحور ؟ فذكر
ابن المبارك قال : وأخبرنا
رشدين عن
ابن أنعم عن
حبان بن أبي جبلة قال : إن نساء الآدميات من دخل منهن الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا . وروي مرفوعا إن (
nindex.php?page=hadith&LINKID=866079الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف ) . وقيل : إن الحور العين أفضل ، لقوله - عليه السلام - في دعائه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831152وأبدله زوجا خيرا من زوجه ) . والله أعلم . وقرأ
عكرمة ( بحور عين ) مضاف . والإضافة والتنوين في ( بحور عين ) سواء .