قوله تعالى :
وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون .
قوله تعالى : وترى كل أمة جاثية أي من هول ذلك اليوم . والأمة هنا : أهل كل ملة . وفي الجاثية تأويلات خمس : الأول : قال
مجاهد : مستوفزة . وقال
سفيان : المستوفز الذي لا يصيب الأرض منه إلا ركبتاه وأطراف أنامله .
الضحاك : ذلك عند الحساب . الثاني : مجتمعة قاله
ابن عباس .
الفراء : المعنى وترى أهل كل دين مجتمعين . الثالث : متميزة ، قاله
عكرمة . الرابع : خاضعة بلغة
قريش ، قاله
مؤرج . الخامس : باركة على الركب قاله
الحسن . والجثو : الجلوس على الركب . جثا على ركبتيه يجثو ويجثي جثوا وجثيا ، على فعول . منها ، وقد مضى في " مريم " : وأصل الجثوة : الجماعة من كل شيء . قال
طرفة يصف قبرين :
ترى جثوتين من تراب عليهما صفائح صم من صفيح منضد
ثم قيل : هو خاص بالكفار ، قاله
يحيى بن سلام . وقيل : إنه عام للمؤمن والكافر انتظارا للحساب . وقد روى
سفيان بن عيينة عن
عمرو عن
عبد الله بن باباه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
كأني أراكم بالكوم جاثين دون جهنم ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . وقال
سلمان : إن في يوم القيامة لساعة هي عشر سنين يخر الناس فيها جثاة على ركبهم حتى إن
إبراهيم - عليه السلام - لينادي " لا أسألك اليوم إلا نفسي " .
كل أمة تدعى إلى كتابها قال
يحيى بن سلام : إلى حسابها . وقيل : إلى كتابها الذي كان يستنسخ لها فيه ما عملت من خير وشر ، قاله
مقاتل . وهو معنى قول
مجاهد . وقيل : كتابها ما كتبت الملائكة عليها . وقيل : كتابها المنزل عليها لينظر هل عملوا بما فيه . وقيل : الكتاب هاهنا اللوح المحفوظ . وقرأ
يعقوب الحضرمي ( كل أمة ) بالنصب
[ ص: 163 ] على البدل من كل الأولى لما في الثانية من الإيضاح الذي ليس في الأولى ، إذ ليس في جثوها شيء من حال شرح الجثو كما في الثانية من ذكر السبب الداعي إليه وهو استدعاؤها إلى كتابها . وقيل : انتصب بإعمال ترى مضمرا . والرفع على الابتداء . اليوم تجزون ما كنتم تعملون من خير أو شر .