قوله تعالى :
واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم .
قوله تعالى :
واذكر أخا عاد هو
هود بن عبد الله بن رباح - عليه السلام - ، كان أخاهم في النسب لا في الدين .
إذ أنذر قومه بالأحقاف أي اذكر لهؤلاء المشركين قصة
عاد ليعتبروا بها . وقيل : أمره بأن يتذكر في نفسه قصة
هود ليقتدي به ، ويهون عليه تكذيب قومه له .
والأحقاف : ديار
عاد . وهي الرمال العظام ، في قول
الخليل وغيره . وكانوا قهروا أهل الأرض
[ ص: 189 ] بفضل قوتهم . والأحقاف جمع حقف ، وهو ما استطال من الرمل العظيم واعوج ولم يبلغ أن يكون جبلا ، والجمع حقاف وأحقاف وحقوف . واحقوقف الرمل والهلال أي : اعوج . وقيل : الحقف جمع حقاف . والأحقاف جمع الجمع . ويقال : حقف أحقف . قال
الأعشى : .
بات إلى أرطاة حقف أحقفا
أي : رمل مستطيل مشرف . والفعل منه احقوقف . قال
العجاج :
طي الليالي زلفا فزلفا سماوة الهلال حتى احقوقفا
أي : انحنى واستدار . وقال
امرؤ القيس :
كحقف النقا يمشي الوليدان فوقه بما احتسبا من لين مس وتسهال
وفيما أريد بالأحقاف هاهنا مختلف فيه . فقال
ابن زيد : هي رمال مشرفة مستطيلة كهيئة الجبال ، ولم تبلغ أن تكون جبالا ، وشاهده ما ذكرناه . وقال
قتادة : هي جبال مشرفة
بالشحر ،
والشحر قريب من
عدن ، يقال :
شحر عمان وشحر عمان ، وهو ساحل البحر بين
عمان وعدن . وعنه أيضا : ذكر لنا أن
عادا كانوا أحياء
باليمن ، أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها :
الشحر .
وقال
مجاهد : هي أرض من
حسمى تسمى
بالأحقاف .
وحسمى ( بكسر الحاء ) اسم أرض بالبادية فيها جبال شواهق ملس الجوانب لا يكاد القتام يفارقها . قال
النابغة :
فأصبح عاقلا بجبال حسمى دقاق الترب محتزم القتام
قاله
الجوهري . وقال
ابن عباس والضحاك :
الأحقاف جبل
بالشام . وعن
ابن عباس أيضا : واد بين
عمان ومهرة . وقال
مقاتل : كانت منازل عاد
باليمن في
حضرموت بواد يقال له
مهرة ، وإليه تنسب الإبل المهرية ، فيقال : إبل مهرية ومهاري . وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم ، وكانوا من قبيلة
إرم . وقال
الكلبي : أحقاف الجبل ما نضب عنه الماء زمان الغرق ، كان ينضب الماء من الأرض ويبقى أثره .
وروى
الطفيل عن
علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال : خير واديين في الناس واد
بمكة وواد نزل به
آدم بأرض
الهند . وشر واديين في الناس واد
بالأحقاف وواد
بحضرموت يدعى
برهوت تلقى فيه أرواح الكفار . وخير بئر في الناس بئر زمزم . وشر بئر في الناس بئر
برهوت ، وهو في ذلك
[ ص: 190 ] الوادي الذي
بحضرموت .
وقد خلت النذر أي مضت الرسل .
من بين يديه أي من قبل
هود .
ومن خلفه أي ومن بعده ، قاله
الفراء . وفي قراءة
ابن مسعود ( من بين يديه ومن بعده ) .
ألا تعبدوا إلا الله هذا من قول المرسل ، فهو كلام معترض . ثم قال
هود :
إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم وقيل :
ألا تعبدوا إلا الله من كلام
هود ، والله أعلم .