قوله تعالى :
ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم .
قوله تعالى :
ومنهم من يستمع إليك أي من هؤلاء الذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ، وزين لهم سوء عملهم قوم يستمعون إليك وهم المنافقون :
عبد الله بن أبي بن سلول ورفاعة بن التابوت وزيد بن الصليت والحارث بن عمرو ومالك بن دخشم ، كانوا يحضرون الخطبة يوم الجمعة فإذا سمعوا ذكر المنافقين فيها أعرضوا عنه ، فإذا خرجوا سألوا عنه ، قاله
الكلبي ومقاتل . وقيل : كانوا يحضرون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع المؤمنين ، فيستمعون منه ما يقول ، فيعيه المؤمن ولا يعيه الكافر .
حتى إذا خرجوا من عندك أي إذا فارقوا مجلسك .
قالوا للذين أوتوا العلم قال
عكرمة : هو
عبد الله بن العباس . قال
ابن عباس : كنت ممن يسأل ، أي : كنت من الذين أوتوا العلم . وفي رواية عن
ابن عباس : أنه يريد
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود . وكذا قال
عبد الله بن بريدة : هو
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود . وقال
القاسم بن عبد الرحمن : هو
أبو الدرداء . وقال
ابن زيد : إنهم الصحابة .
ماذا قال آنفا أي الآن ، على جهة الاستهزاء . أي : أنا لم ألتفت إلى قوله . وآنفا يراد به الساعة التي هي أقرب الأوقات إليك ، من قولك : استأنفت الشيء إذا ابتدأت به . ومنه أمر أنف ، وروضة أنف ، أي : لم يرعها أحد . وكأس أنف : إذا لم يشرب منها شيء ، كأنه استؤنف شربها مثل روضة أنف . قال الشاعر [
الحطيئة ] :
ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع
وقال آخر [
لقيط بن زرارة ] :
[ ص: 219 ] إن الشواء والنشيل والرغف والقينة الحسناء والكأس الأنف
للطاعنين الخيل والخيل قطف
وقال
امرؤ القيس :
قد غدا يحملني في أنفه [ لاحق الإطلين محبوك ممر ]
أي : في أوله . وأنف كل شيء أوله . وقال
قتادة في هؤلاء المنافقين : الناس رجلان : رجل عقل عن الله فانتفع بما سمع ، ورجل لم يعقل ولم ينتفع بما سمع . وكان يقال : الناس ثلاثة : فسامع عامل ، وسامع عاقل ، وسامع غافل تارك .
قوله تعالى : أولئك الذين طبع الله على قلوبهم فلم يؤمنوا . واتبعوا أهواءهم في الكفر . والذين اهتدوا أي للإيمان زادهم الله هدى . وقيل : زادهم النبي - صلى الله عليه وسلم - هدى . وقيل : ما يستمعونه من القرآن هدى ، أي : يتضاعف يقينهم . وقال
الفراء : زادهم إعراض المنافقين واستهزاؤهم هدى . وقيل : زادهم نزول الناسخ هدى . وفي الهدى الذي زادهم أربعة أقاويل : أحدها : زادهم علما ، قاله
الربيع بن أنس . الثاني : أنهم علموا ما سمعوا وعملوا بما علموا ، قاله
الضحاك . الثالث : زادهم بصيرة في دينهم وتصديقا لنبيهم ، قاله
الكلبي . الرابع : شرح صدورهم بما هم عليه من الإيمان .
وآتاهم تقواهم أي ألهمهم إياها . وقيل : فيه خمسة أوجه : أحدها : آتاهم الخشية ، قاله
الربيع . الثاني : ثواب تقواهم في الآخرة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . الثالث : وفقهم للعمل الذي فرض عليهم ، قاله
مقاتل . الرابع : بين لهم ما يتقون ، قاله
ابن زياد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي أيضا . الخامس : أنه ترك المنسوخ والعمل بالناسخ ، قاله
عطية .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : ويحتمل . سادسا : أنه ترك الرخص والأخذ بالعزائم . وقرئ ( وأعطاهم ) بدل وآتاهم وقال
عكرمة : هذه نزلت فيمن آمن من أهل الكتاب .