قوله تعالى :
فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .
قوله تعالى : فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة أي فجأة . وهذا وعيد للكفار . فقد جاء أشراطها أي أماراتها وعلاماتها . وكانوا قد قرءوا في كتبهم أن
محمدا - صلى الله عليه وسلم - آخر الأنبياء ، فبعثه من أشراطها وأدلتها ، قاله
الضحاك والحسن . وفي الصحيح عن
أنس قال : قال
[ ص: 220 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831129بعثت أنا والساعة كهاتين وضم السبابة والوسطى ، لفظ مسلم ، وخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . ويروى
بعثت والساعة كفرسي رهان . وقيل : أشراط الساعة أسبابها التي هي دون معظمها . ومنه يقال للدون من الناس : الشرط . وقيل : يعني علامات الساعة انشقاق القمر والدخان ، قاله
الحسن أيضا . وعن
الكلبي : كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام ، وقلة الكرام وكثرة اللئام . وقد أتينا على هذا الباب في كتاب ( التذكرة ) مستوفى والحمد لله .
وواحد الأشراط شرط ، وأصله الأعلام . ومنه قيل الشرط ; لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها . ومنه الشرط في البيع وغيره . قال
أبو الأسود :
فإن كنت قد أزمعت بالصرم بيننا فقد جعلت أشراط أوله تبدو
ويقال : أشرط فلان نفسه في عمل كذا أي : أعلمها وجعلها له . قال
أوس بن حجر يصف رجلا تدلى بحبل من رأس جبل إلى نبعة يقطعها ليتخذ منها قوسا :
فأشرط نفسه فيها وهو معصم وألقى بأسباب له وتوكلا
أن تأتيهم بغتة ( أن ) بدل اشتمال من ( الساعة ) ، نحو قوله :
أن تطئوهم من قوله :
رجال مؤمنون ونساء مؤمنات . وقرئ ( بغتة ) بوزن جربة ، وهي غريبة لم ترد في المصادر أختها ؛ وهي مروية عن
أبي عمرو .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وما أخوفني أن تكون غلطة من الراوي عن
أبي عمرو ، وأن يكون الصواب ( بغتة ) بفتح الغين من غير تشديد ، كقراءة
الحسن . وروى
أبو جعفر الرؤاسي وغيره من
أهل مكة ( إن تأتهم بغتة ) . قال
المهدوي : ومن قرأ ( إن تأتهم بغتة ) كان الوقف على ( الساعة ) ثم استأنف الشرط . وما يحتمله الكلام من الشك مردود إلى الخلق ، كأنه قال : إن شكوا في مجيئها ( فقد جاء أشراطها )
قوله تعالى :
فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ( ذكراهم ) ابتداء وأنى لهم الخبر . والضمير المرفوع في جاءتهم للساعة ، التقدير : فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة ، قال معناه
قتادة وغيره . وقيل : فكيف لهم بالنجاة إذا جاءتهم الذكرى عند مجيء الساعة ، قاله
ابن زيد . وفي الذكرى وجهان : أحدهما : تذكيرهم بما عملوه من خير أو شر . الثاني : هو دعاؤهم بأسمائهم تبشيرا وتخويفا ، روى
أبان عن
أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
أحسنوا أسماءكم [ ص: 221 ] فإنكم تدعون بها يوم القيامة يا فلان قم إلى نورك يا فلان قم لا نور لك ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .