الثالثة : اختلف العلماء من هذا الباب ،
أيما أفضل ؟ الملائكة أو بنو آدم على قولين : فذهب قوم إلى أن الرسل من البشر أفضل من الرسل من الملائكة ، والأولياء من البشر أفضل من الأولياء من الملائكة . وذهب آخرون إلى أن الملأ الأعلى أفضل . احتج من فضل الملائكة بأنهم عباد مكرمون .
لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . وقوله :
لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون وقوله :
قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ( يقول الله عز وجل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830246من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) . وهذا نص . احتج من فضل بني آدم بقوله تعالى :
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية بالهمز ، من برأ الله الخلق . وقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830247وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم الحديث . أخرجه
أبو داود ، وبما جاء في أحاديث من أن الله تعالى يباهي بأهل
عرفات الملائكة ، ولا يباهي إلا بالأفضل ، والله أعلم .
[ ص: 275 ] وقال بعض العلماء : ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة ، ولا القطع بأن الملائكة خير منهم ، لأن طريق ذلك خبر الله تعالى وخبر رسوله أو إجماع الأمة ، وليس هاهنا شيء من ذلك خلافا
للقدرية والقاضي
أبي بكر رحمه الله حيث قالوا : الملائكة أفضل . قال : وأما من قال من أصحابنا
والشيعة : إن الأنبياء أفضل لأن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود
لآدم ، فيقال لهم : المسجود له لا يكون أفضل من الساجد ، ألا ترى أن
الكعبة مسجود لها والأنبياء والخلق يسجدون نحوها ، ثم إن الأنبياء خير من
الكعبة باتفاق الأمة . ولا خلاف أن السجود لا يكون إلا لله تعالى ; لأن السجود عبادة ، والعبادة لا تكون إلا لله ، فإذا كان كذلك فكون السجود إلى جهة لا يدل على أن الجهة خير من الساجد العابد ، وهذا واضح . وسيأتي له مزيد بيان في الآية بعد هذا .