[ ص: 280 ] قوله تعالى :
إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم قوله تعالى : إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أي يخفضون أصواتهم عنده إذا تكلموا إجلالا له ، أو كلموا غيره بين يديه إجلالا له . قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : لما نزلت لا ترفعوا أصواتكم قال
أبو بكر - رضي الله عنه - : والله لا أرفع صوتي إلا كأخي السرار . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16061سنيد قال : حدثنا
عباد بن العوام عن
محمد بن عمرو عن
أبي سلمة قال : لما نزلت :
لا تقدموا بين يدي الله ورسوله قال
أبو بكر : والذي بعثك بالحق لا أكلمك بعد هذا إلا كأخي السرار . وقال
عبد الله بن الزبير : لما نزلت :
لا ترفعوا أصواتكم ما حدث
عمر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك فسمع كلامه حتى يستفهمه مما يخفض ، فنزلت :
إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى . قال
الفراء : أي : أخلصها للتقوى . وقال
الأخفش : أي : اختصها للتقوى . وقال
ابن عباس :
امتحن الله قلوبهم للتقوى طهرهم من كل قبيح ، وجعل في قلوبهم الخوف من الله والتقوى . وقال
عمر - رضي الله عنه - : أذهب عن قلوبهم الشهوات . والامتحان : افتعال من محنت الأديم محنا حتى أوسعته . فمعنى
امتحن الله قلوبهم للتقوى وسعها وشرحها للتقوى . وعلى الأقوال المتقدمة : امتحن قلوبهم فأخلصها ، كقولك : امتحنت الفضة أي : اختبرتها حتى خلصت . ففي الكلام حذف يدل عليه الكلام ، وهو الإخلاص . وقال
أبو عمرو : كل شيء جهدته فقد محنته . وأنشد :
أتت رذايا باديا كلالها قد محنت واضطربت آطالها
لهم مغفرة وأجر عظيم .