قوله تعالى : وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم قوله تعالى : وإن للذين ظلموا - أي : كفروا - عذابا دون ذلك قيل : قبل موتهم .
ابن زيد : مصائب الدنيا من الأوجاع والأسقام والبلايا وذهاب الأموال والأولاد .
مجاهد : هو الجوع والجهد سبع سنين .
ابن عباس : هو القتل . عنه : عذاب القبر . وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب وعلي رضي الله عنهم . ف " دون " بمعنى " غير " . وقيل : عذابا أخف من عذاب الآخرة . ولكن أكثرهم لا يعلمون أن العذاب نازل بهم وقيل : ولكن أكثرهم لا يعلمون ما يصيرون إليه .
قوله تعالى :
واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا فيه مسألتان :
الأولى :
واصبر لحكم ربك قيل : لقضاء ربك فيما حملك من رسالته . وقيل : لبلائه فيما ابتلاك به من قومك ; ثم نسخ بآية السيف .
الثانية : قوله تعالى :
فإنك بأعيننا أي بمرأى ومنظر منا نرى ونسمع ما تقول وتفعل . وقيل : بحيث نراك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك . والمعنى واحد . ومنه قوله تعالى
لموسى عليه السلام :
ولتصنع على عيني أي بحفظي وحراستي وقد تقدم .
قوله تعالى : وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم [ ص: 73 ] فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :
وسبح بحمد ربك حين تقوم اختلف في تأويل قوله : حين تقوم فقال
عون بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري وأبو الأحوص : يسبح الله حين يقوم من مجلسه ; فيقول : سبحان الله وبحمده ، أو سبحانك اللهم وبحمدك ; فإن كان المجلس خيرا ازددت ثناء حسنا ، وإن كان غير ذلك كان كفارة له ; ودليل هذا التأويل ما خرجه
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866224من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك قال : حديث حسن صحيح غريب . وفيه عن
ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866225كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم : رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور قال : حديث حسن صحيح غريب .
وقال
محمد بن كعب والضحاك والربيع : المعنى حين تقوم إلى الصلاة . قال
الضحاك : يقول : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا . قال
الكيا الطبري : وهذا فيه بعد ; فإن قوله : حين تقوم لا يدل على التسبيح بعد التكبير ، فإن التكبير هو الذي يكون بعد القيام ، والتسبيح يكون وراء ذلك ، فدل على أن المراد فيه حين تقوم من كل مكان كما قال
ابن مسعود رضي الله عنه . وقال
أبو الجوزاء nindex.php?page=showalam&ids=15714وحسان بن عطية : المعنى حين تقوم من منامك . قال
حسان : ليكون مفتتحا لعمله بذكر الله . وقال
الكلبي : واذكر الله باللسان حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل الصلاة وهي صلاة الفجر .
وفي هذا روايات مختلفات صحاح ; منها حديث
عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866226من تعار في الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير والحمد لله وسبحان الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال : اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . تعار الرجل من الليل : إذا هب من نومه مع صوت ; ومنه عار الظليم يعار عرارا وهو صوته ; وبعضهم يقول : عر الظليم يعر عرارا ، كما قالوا زمر النعام يزمر زمارا . وعن
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=866227أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل : اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت [ ص: 74 ] قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك الحق والجنة حق والنار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمد حق اللهم لك أسلمت وعليك توكلت وبك آمنت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسررت وأعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا إله غيرك متفق عليه .
وعن
ابن عباس أيضا أنه عليه الصلاة والسلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=866228كان إذا استيقظ من الليل مسح النوم من وجهه ; ثم قرأ العشر الآيات الأواخر من سورة " آل عمران " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : المعنى حين تقوم من نوم القائلة لصلاة الظهر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : أما نوم القائلة فليس فيه أثر وهو ملحق بنوم الليل . وقال
الضحاك : إنه التسبيح في الصلاة إذا قام إليها .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : وفي هذا التسبيح قولان ؛ أحدهما : وهو قوله سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود . الثاني : أنه التوجه في الصلاة يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : من قال إنه التسبيح للصلاة فهذا أفضله ، والآثار في ذلك كثيرة أعظمها ما ثبت عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=866229كان إذا قام إلى الصلاة قال وجهت وجهي الحديث . وقد ذكرناه وغيره في آخر سورة " الأنعام " . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866230قلت يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي ; فقال : قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .
الثانية : قوله تعالى :
ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم تقدم في " ق " مستوفى عند قوله تعالى :
ومن الليل فسبحه وأدبار السجود . وأما
إدبار النجوم فقال
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وجابر وأنس : يعني ركعتي الفجر . فحمل بعض العلماء الآية على هذا القول على الندب وجعلها منسوخة بالصلوات الخمس . وعن
الضحاك وابن زيد : أن قوله :
[ ص: 75 ] وإدبار النجوم يريد به صلاة الصبح وهو اختيار
الطبري . وعن
ابن عباس : أنه التسبيح في آخر الصلوات . وبكسر الهمزة في إدبار النجوم قرأ السبعة على المصدر حسب ما بيناه في " ق " . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ومحمد بن السميفع " وأدبار " بالفتح ، ومثله روي عن
يعقوب وسلام وأيوب ; وهو جمع دبر ودبر ودبر الأمر ودبره آخره . وروى
الترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ، عن
رشدين بن كريب عن أبيه عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866231إدبار النجوم الركعتان قبل الفجر ، وإدبار السجود الركعتان بعد المغرب قال : حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل عن
رشدين بن كريب . وسألت
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ورشدين بن كريب أيهما أوثق ؟ فقال : ما أقربهما ،
ومحمد عندي أرجح . قال : وسألت
عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا فقال : ما أقربهما ،
ورشدين بن كريب أرجحهما عندي . قال
الترمذي : والقول ما قال
أبو محمد ورشدين بن كريب عندي أرجح من
محمد وأقدم ، وقد أدرك
رشدين ابن عباس ورآه . وفي صحيح
مسلم عن
عائشة رضي الله عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866232لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح . وعنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866233ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها . تم تفسير سورة " والطور " والحمد لله .