قوله تعالى :
كذبت ثمود بالنذر فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر سيعلمون غدا من الكذاب الأشر قوله تعالى : كذبت ثمود بالنذر هم قوم
صالح كذبوا الرسل ونبيهم ، أو كذبوا بالآيات التي هي النذر
فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه وندع جماعة . وقرأ
أبو الأشهب وابن السميفع وأبو السمال العدوي " أبشر " بالرفع " واحد " كذلك رفع بالابتداء والخبر " نتبعه " . الباقون بالنصب على معنى أنتبع بشرا منا واحدا نتبعه . وقرأ
أبو السمال : " أبشر " بالرفع " منا واحدا " بالنصب ، رفع " أبشر " بإضمار فعل يدل عليه " أؤلقي " كأنه قال : أينبأ بشر منا ، وقوله : واحدا يجوز أن يكون حالا من المضمر في " منا " والناصب له الظرف ، والتقدير : أينبأ بشر كائن منا منفردا ; ويجوز أن يكون حالا من الضمير في نتبعه منفردا لا ناصر له .
إنا إذا لفي ضلال أي ذهاب عن الصواب وسعر أي جنون ، من قولهم : ناقة مسعورة ، أي كأنها من شدة نشاطها مجنونة ، ذكره
ابن عباس . قال الشاعر يصف ناقته :
تخال بها سعرا إذا السفر هزها ذميل وإيقاع من السير متعب
الذميل ضرب من سير الإبل . قال
أبو عبيد : إذا ارتفع السير عن العنق قليلا فهو التزيد ، فإذا ارتفع عن ذلك فهو الذميل ، ثم الرسيم ; يقال : ذمل يذمل ويذمل ذميلا . قال
الأصمعي :
[ ص: 127 ] ولا يذمل بعير يوما وليلة إلا مهري قاله ج . وقال
ابن عباس أيضا : السعر العذاب ، وقاله
الفراء .
مجاهد : بعد الحق .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : في احتراق . قال [ طرفة ] :
أصحوت اليوم أم شاقتك هر ومن الحب جنون مستعر
أي متقد ومحترق .
أبو عبيدة : هو جمع سعير وهو لهيب النار . والبعير المجنون يذهب كذا وكذا لما يتلهب به من الحدة . ومعنى الآية : إنا إذا لفي شقاء وعناء مما يلزمنا .
قوله تعالى : أؤلقي الذكر عليه من بيننا أي خصص بالرسالة من بين
آل ثمود وفيهم من هو أكثر مالا وأحسن حالا ؟ ! وهو استفهام معناه الإنكار .
بل هو كذاب أشر أي ليس كما يدعيه وإنما يريد أن يتعاظم ويلتمس التكبر علينا من غير استحقاق . والأشر المرح والتجبر والنشاط . يقال : فرس أشر إذا كان مرحا نشيطا ، قال
امرؤ القيس يصف كلبا :
فيدركنا فغم داجن سميع بصير طلوب نكر
ألص الضروس حني الضلوع تبوع أريب نشيط أشر
وقيل : أشر بطر . والأشر البطر ; قال الشاعر :
أشرتم بلبس الخز لما لبستم ومن قبل ما تدرون من فتح القرى
وقد أشر بالكسر يأشر أشرا فهو أشر وأشران ، وقوم أشارى مثل سكران وسكارى ; قال الشاعر :
وخلت وعولا أشارى بها وقد أزهف الطعن أبطالها
وقيل : إنه المتعدي إلى منزلة لا يستحقها ; والمعنى واحد . وقال
ابن زيد وعبد الرحمن بن حماد : الأشر الذي لا يبالي ما قال . وقرأ
أبو جعفر وأبو قلابة " أشر " بفتح الشين وتشديد الراء يعني به أشرنا وأخبثنا .
سيعلمون غدا أي سيرون العذاب يوم القيامة ، أو في حال نزول العذاب بهم في الدنيا . وقرأ
ابن عامر وحمزة بالتاء على أنه من قول
صالح لهم على الخطاب . الباقون بالياء ، إخبار من الله تعالى
لصالح عنهم . وقوله : غدا على التقريب على عادة الناس في قولهم للعواقب : إن مع اليوم غدا ; قال :
للموت فيها سهام غير مخطئة من لم يكن ميتا في اليوم مات غدا
[ ص: 128 ] وقال
الطرماح :
ألا عللاني قبل نوح النوائح وقبل اضطراب النفس بين الجوانح
وقبل غد يا لهف نفسي على غد إذا راح أصحابي ولست برائح
وإنما أراد وقت الموت ولم يرد غدا بعينه .
من الكذاب الأشر وقرأ
أبو قلابة " الأشر " بفتح الشين وتشديد الراء جاء به على الأصل . قال
أبو حاتم : لا تكاد العرب تتكلم بالأشر والأخير إلا في ضرورة الشعر ; كقول
رؤبة :
بلال خير الناس وابن الأخير
وإنما يقولون هو خير قومه ، وهو شر الناس ; قال الله تعالى :
كنتم خير أمة أخرجت للناس وقال
فسيعلمون من هو شر مكانا . وعن
أبي حيوة بفتح الشين وتخفيف الراء . وعن
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ضم الشين والراء والتخفيف ، قال
النحاس : وهو معنى " الأشر " ومثله : رجل حذر وحذر .