[ ص: 134 ] قوله تعالى :
إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر قوله تعالى : إن المجرمين في ضلال وسعر فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
إن المجرمين في ضلال وسعر أي في حيدة عن الحق و " سعر " أي : احتراق . وقيل : جنون على ما تقدم في هذه السورة .
يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر في صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831277جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فنزلت : يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر خرجه
الترمذي أيضا وقال حديث حسن صحيح . وروى
مسلم عن
طاوس قال : أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : كل شيء بقدر . قال : وسمعت
عبد الله بن عمر يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831278كل شيء بقدر حتى العجز والكيس - أو - الكيس والعجز وهذا إبطال
لمذهب القدرية . ذوقوا أي يقال لهم ذوقوا ، ومسها : ما يجدون من الألم عند الوقوع فيها . و
" سقر " اسم من أسماء جهنم لا ينصرف ; لأنه اسم مؤنث معرفة ، وكذا لظى وجهنم . وقال
عطاء : سقر الطبق السادس من جهنم . وقال
قطرب : سقر من سقرته الشمس وصقرته لوحته . ويوم مسمقر ومصمقر : شديد الحر .
الثانية : قوله تعالى :
إنا كل شيء قراءة العامة كل بالنصب . وقرأ
أبو السمال " كل " بالرفع على الابتداء . ومن نصب فبإضمار فعل وهو اختيار الكوفيين ; لأن " إن " تطلب الفعل فهي به أولى ، والنصب أدل على العموم في المخلوقات لله تعالى ; لأنك لو حذفت " خلقناه " المفسر وأظهرت الأول لصار إنا خلقنا كل شيء بقدر . ولا يصح كون خلقناه صفة لشيء ; لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف ، ولا تكون تفسيرا لما يعمل فيما قبله .
[ ص: 135 ] الثالثة : الذي عليه أهل السنة أن الله سبحانه قدر الأشياء ; أي علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه
، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته دون خلقه ، وأن الخلق ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب ومحاولة ونسبة وإضافة ، وأن ذلك كله إنما حصل لهم بتيسير الله تعالى وبقدرته وتوفيقه وإلهامه ، سبحانه لا إله إلا هو ، ولا خالق غيره ; كما نص عليه القرآن والسنة ، لا كما
قالت القدرية وغيرهم من أن الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا .
قال
أبو ذر رضي الله عنه :
قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا ; فنزلت هذه الآيات إلى قوله : إنا كل شيء خلقناه بقدر فقالوا : يا محمد يكتب علينا الذنب ويعذبنا ؟ فقال : أنتم خصماء الله يوم القيامة .
الرابعة : روى
أبو الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831279إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم . خرجه
ابن ماجه في سننه . وخرج أيضا عن
ابن عباس وجابر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831280صنفان من أمتي ليس لهم في الإسلام نصيب : أهل الإرجاء والقدر . وأسند
النحاس : وحدثنا
إبراهيم بن شريك الكوفي قال حدثنا
عقبة بن مكرم الضبي قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير عن
سعيد بن ميسرة عن
أنس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القدرية الذين يقولون الخير والشر بأيدينا ليس لهم في شفاعتي نصيب ولا أنا منهم ولا هم مني . وفي صحيح
مسلم أن
ابن عمر تبرأ منهم
ولا يتبرأ إلا من كافر ، ثم أكد هذا بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831281والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر . وهذا مثل قوله تعالى في المنافقين :
وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله [ ص: 136 ] وهذا واضح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن .