قوله تعالى :
يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام فبأي آلاء ربكما تكذبان هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن فبأي آلاء ربكما تكذبان قوله تعالى : يعرف المجرمون بسيماهم قال
الحسن : سواد الوجه وزرقة الأعين ، قال الله تعالى :
ونحشر المجرمين يومئذ زرقا وقال تعالى :
يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .
فيؤخذ بالنواصي والأقدام أي تأخذ الملائكة بنواصيهم ، أي بشعور مقدم رءوسهم وأقدامهم فيقذفونهم في النار . والنواصي جمع ناصية . وقال
الضحاك : يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره . وعنه : يؤخذ برجلي الرجل فيجمع بينهما وبين ناصيته حتى يندق ظهره ثم يلقى في النار . وقيل : يفعل ذلك به ليكون أشد لعذابه وأكثر لتشويهه . وقيل : تسحبهم الملائكة إلى النار ، تارة تأخذ بناصيته وتجره على وجهه ، وتارة تأخذ بقدميه وتسحبه على رأسه .
قوله تعالى : هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون أي يقال لهم هذه النار التي أخبرتم بها فكذبتم .
يطوفون بينها وبين حميم آن قال
قتادة : يطوفون مرة بين الحميم ومرة بين الجحيم ، والجحيم النار ، والحميم الشراب . وفي قوله تعالى :
آن ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه الذي انتهى حره وحميمه . قاله
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، ومنه قول
النابغة الذبياني :
وتخضب لحية غدرت وخانت بأحمر من نجيع الجوف آن
[ ص: 160 ] قال
قتادة :
آن طبخ منذ خلق الله السماوات والأرض ، يقول : إذا استغاثوا من النار جعل غياثهم ذلك . وقال
كعب :
آن واد من أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فيغمسون بأغلالهم فيه حتى تنخلع أوصالهم ، ثم يخرجون منها وقد أحدث الله لهم خلقا جديدا فيلقون في النار ، فذلك قوله تعالى :
يطوفون بينها وبين حميم آن . وعن
كعب أيضا : أنه الحاضر . وقال
مجاهد : إنه الذي قد آن شربه وبلغ غايته . والنعمة فيما وصف من هول القيامة وعقاب المجرمين ما في ذلك من الزجر عن المعاصي والترغيب في الطاعات . وروي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى على شاب في الليل يقرأ فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان فوقف الشاب وخنقته العبرة وجعل يقول : ويحي من يوم تنشق فيه السماء ويحي ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ويحك يا فتى مثلها فوالذي نفسي بيده لقد بكت ملائكة السماء لبكائك .