قوله تعالى :
ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين
قوله تعالى :
ثلة من الأولين أي جماعة من الأمم الماضية .
وقليل من الآخرين أي ممن آمن
بمحمد صلى الله عليه وسلم . قال
الحسن : ثلة ممن قد مضى قبل هذه الأمة ، وقليل من أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم اجعلنا منهم بكرمك . وسموا قليلا بالإضافة إلى من كان قبلهم لأن الأنبياء المتقدمين كثروا فكثر السابقون إلى الإيمان منهم ، فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمتنا . وقيل : لما نزل هذا شق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت :
ثلة من الأولين وثلة من الآخرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866351إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة بل ثلث أهل الجنة بل نصف أهل الجنة وتقاسمونهم في النصف الثانيرواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ؛ ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي وغيره . ومعناه ثابت في صحيح
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود . وكأنه أراد أنها منسوخة والأشبه أنها محكمة لأنها خبر ، ولأن ذلك في جماعتين مختلفتين . قال
الحسن : سابقو من مضى أكثر من سابقينا ، ولذلك قال :
وقليل من الآخرين وقال في أصحاب اليمين وهم سوى السابقين :
ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866352إني لأرجو أن [ ص: 183 ] تكون أمتي شطر أهل الجنة ثم تلا قوله تعالى : ثلة من الأولين وثلة من الآخرين قال
مجاهد : كل من هذه الأمة . وروى
سفيان عن
أبان عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866353الثلتان جميعا من أمتي يعني ثلة من الأولين وثلة من الآخرين . وروي هذا القول عن
أبي بكر الصديق رضي الله عنه . قال
أبو بكر رضي الله عنه : كلا الثلتين من أمة
محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فمنهم من هو في أول أمته ، ومنهم من هو في آخرها ، وهو مثل قوله تعالى :
فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله وقيل
ثلة من الأولين أي من أول هذه الأمة .
وقليل من الآخرين يسارع في الطاعات حتى يلحق درجة الأولين ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831300خيركم قرني ثم سوى في أصحاب اليمين بين الأولين والآخرين . والثلة من ثللت الشيء أي قطعته ، فمعنى ثلة كمعنى فرقة ؛ قاله
الزجاج .
قوله تعالى : على سرر موضونة أي : السابقون في الجنة على سرر ، أي مجالسهم على سرر جمع سرير .
موضونة قال
ابن عباس : منسوجة بالذهب . وقال
عكرمة : مشبكة بالدر والياقوت . وعن
ابن عباس أيضا :
موضونة مصفوفة ، كما قال في موضع آخر :
على سرر مصفوفة . وعنه أيضا وعن
مجاهد : مرمولة بالذهب . وفي التفاسير :
موضونة أي منسوجة بقضبان الذهب مشبكة بالدر والياقوت والزبرجد - والوضن النسج المضاعف والنضد ، يقال : وضن فلان الحجر والآجر بعضه فوق بعض فهو موضون ، ودرع موضونة أي محكمة في النسج مثل مصفوفة ، قال
الأعشى :
ومن نسج داود موضونة تساق مع الحي عيرا فعيرا
وقال أيضا :
وبيضاء كالنهي موضونة لها قونس فوق جيب البدن
والسرير الموضون : الذي سطحه بمنزلة المنسوج ، ومنه الوضين : بطان من سيور ينسج فيدخل بعضه في بعض ، ومنه قوله :
إليك تعدو قلقا وضينها
[ ص: 184 ] متكئين عليها أي على السرر متقابلين أي لا يرى بعضهم قفا بعض ، بل تدور بهم الأسرة ، وهذا في المؤمن وزوجته وأهله ، أي يتكئون متقابلين . قال
مجاهد وغيره . وقال
الكلبي : طول كل سرير ثلاثمائة ذراع ، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت فإذا جلس عليها ارتفعت .