قوله تعالى :
اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون [ ص: 114 ] فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
اتخذوا أيمانهم جنة أي سترة . وليس يرجع إلى قوله :
نشهد إنك لرسول الله وإنما يرجع إلى سبب الآية التي نزلت عليه ، حسب ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
ابن أبي أنه حلف ما قال وقد قال . وقال
الضحاك : يعني حلفهم بالله إنهم لمنكم . وقيل : يعني بأيمانهم ما أخبر الرب عنهم في سورة " التوبة " إذ قال :
يحلفون بالله ما قالوا .
الثانية : من قال : أقسم بالله أو أشهد بالله أو أعزم بالله أو أحلف بالله ، أو أقسمت بالله أو أشهدت بالله أو أعزمت بالله أو أحلفت بالله ، فقال في ذلك كله " بالله " فلا خلاف أنها يمين . وكذلك عند
مالك وأصحابه إن قال : أقسم أو أشهد أو أعزم أو أحلف ، ولم يقل " بالله " ، إذا أراد " بالله " . وإن لم يرد " بالله " فليس بيمين . وحكاه
الكيا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا
قال : أشهد بالله ، ونوى اليمين كان يمينا . وقال
أبو حنيفة وأصحابه : لو قال : أشهد بالله ، لقد كان كذا ، كان يمينا ، ولو قال : أشهد لقد كان كذا ، دون النية كان يمينا لهذه الآية ، لأن الله تعالى ذكر منهم الشهادة ثم قال :
اتخذوا أيمانهم جنة .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يكون ذلك يمينا وإن نوى اليمين ، لأن قوله تعالى :
اتخذوا أيمانهم جنة ليس يرجع إلى قوله : " قالوا نشهد " وإنما يرجع إلى ما في " التوبة " من قوله تعالى :
يحلفون بالله ما قالوا .
الثالثة : قوله تعالى :
فصدوا عن سبيل الله أي أعرضوا ، وهو من الصدود . أو صرفوا المؤمنين عن إقامة حكم الله عليهم من القتل والسبي وأخذ الأموال ، فهو من الصد ، أو منعوا الناس عن الجهاد بأن يتخلفوا ويقتدي بهم غيرهم . وقيل : فصدوا اليهود والمشركين عن الدخول في الإسلام ، بأن يقولوا ها نحن كافرون بهم ، ولو كان
محمد حقا لعرف هذا منا ، ولجعلنا نكالا . فبين الله أن حالهم لا يخفى عليه ، ولكن حكمه أن من أظهر الإيمان أجري عليه في الظاهر حكم الإيمان .
إنهم ساء ما كانوا يعملون أي بئست أعمالهم الخبيثة - من نفاقهم وأيمانهم الكاذبة وصدهم عن سبيل الله - أعمالا .