قوله تعالى :
وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون
قوله تعالى :
وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لما نزل القرآن بصفتهم
[ ص: 117 ] مشى إليهم عشائرهم وقالوا : افتضحتم بالنفاق فتوبوا إلى رسول الله من النفاق ، واطلبوا أن يستغفر لكم . فلووا رءوسهم ; أي حركوها استهزاء وإباء ; قاله
ابن عباس . وعنه أنه كان
لعبد الله بن أبي موقف في كل سبب يحض على طاعة الله وطاعة رسوله ; فقيل له : وما ينفعك ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان فأته يستغفر لك ; فأبى وقال : لا أذهب إليه . وسبب نزول هذه الآيات
nindex.php?page=hadith&LINKID=865217أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق على ماء يقال له " المريسيع " من ناحية " قديد " إلى الساحل ، فازدحم أجير لعمر يقال له : " جهجاه " مع حليف لعبد الله بن أبي يقال له : " سنان " على ماء " بالمشلل " ; فصرخ جهجاه بالمهاجرين ، وصرخ سنان بالأنصار ; فلطم جهجاه سنانا فقال عبد الله بن أبي : أوقد فعلوها ! والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول : سمن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز - يعني أبيا - الأذل ; يعني محمدا صلى الله عليه وسلم . ثم قال لقومه : كفوا طعامكم عن هذا الرجل ، ولا تنفقوا على من عنده حتى ينفضوا ويتركوه . فقال nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم - وهو من رهط عبد الله - أنت والله الذليل المنتقص في قومك ; ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن ومودة من المسلمين ، والله لا أحبك بعد كلامك هذا أبدا . فقال عبد الله : اسكت إنما كنت ألعب . فأخبر زيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ، فأقسم بالله ما فعل ولا قال ; فعذره النبي صلى الله عليه وسلم . قال زيد : فوجدت في نفسي ولامني الناس ; فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبد الله . فقيل لعبد الله : قد نزلت فيك آيات شديدة فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك ; فألوى برأسه ، فنزلت الآيات . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي بمعناه . وقد تقدم أول السورة . وقيل : " يستغفر لكم " يستتبكم من النفاق ; لأن التوبة استغفار .
ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون أي يعرضون عن الرسول متكبرين عن الإيمان . وقرأ
نافع " لووا " بالتخفيف . وشدد الباقون ; واختاره
أبو عبيد وقال : هو فعل لجماعة .
النحاس : وغلط في هذا ; لأنه نزل في
عبد الله بن أبي لما قيل له : تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم - حرك رأسه استهزاء . فإن قيل : كيف أخبر عنه بفعل الجماعة ؟ قيل له : العرب تفعل هذا إذا كنت عن الإنسان . أنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لحسان :
ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتم وفينا رسول عنده الوحي واضعه
وإنما خاطب
حسان ابن الأبيرق في شيء سرقه
بمكة . وقصته مشهورة . وقد يجوز أن يخبر عنه وعمن فعل فعله . وقيل : قال
ابن أبي لما لوى رأسه : أمرتموني أن أومن فقد آمنت ، وأن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت ; فما بقي إلا أن أسجد
لمحمد .
[ ص: 118 ]