قوله تعالى : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير [ ص: 123 ] قال
ابن عباس : إن الله خلق بني آدم مؤمنا وكافرا ، ويعيدهم في يوم القيامة مؤمنا وكافرا . وروى
nindex.php?page=hadith&LINKID=865219أبو سعيد الخدري قال : خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم عشية فذكر شيئا مما يكون فقال : " يولد الناس على طبقات شتى . يولد الرجل مؤمنا ويعيش مؤمنا ويموت مؤمنا . ويولد الرجل كافرا ويعيش كافرا ويموت كافرا . ويولد الرجل مؤمنا ويعيش مؤمنا ويموت كافرا . ويولد الرجل كافرا ويعيش كافرا ويموت مؤمنا " . وقال
ابن مسعود : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865220 " خلق الله فرعون في بطن أمه كافرا ، وخلق يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا " . وفي الصحيح من حديث
ابن مسعود :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831427 " وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع أو باع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها . وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع أو باع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وليس فيه ذكر الباع . وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831428 " إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار . وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة " . قال علماؤنا : والمعنى تعلق العلم الأزلي بكل معلوم ; فيجري ما علم وأراد وحكم . فقد يريد إيمان شخص على عموم الأحوال ، وقد يريده إلى وقت معلوم . وكذلك الكفر . وقيل في الكلام محذوف : فمنكم مؤمن ومنكم كافر ومنكم فاسق ; فحذف لما في الكلام من الدلالة عليه ; قاله
الحسن . وقال غيره : لا حذف فيه ; لأن المقصود ذكر الطرفين . وقال جماعة من أهل العلم : إن الله خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا . قالوا : وتمام الكلام
هو الذي خلقكم . ثم وصفهم فقال :
فمنكم كافر ومنكم مؤمن كقوله تعالى :
والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه الآية .
[ ص: 124 ] قالوا : فالله خلقهم ; والمشي فعلهم . واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل ، قال : لو خلقهم مؤمنين وكافرين لما وصفهم بفعلهم في قوله :
فمنكم كافر ومنكم مؤمن . واحتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831429 " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه " الحديث . وقد مضى في " الروم " مستوفى . قال
الضحاك : فمنكم كافر في السر مؤمن في العلانية كالمنافق ، ومنكم مؤمن في السر كافر في العلانية
كعمار وذويه . وقال
عطاء بن أبي رباح : فمنكم كافر بالله مؤمن بالكواكب ، ومنكم مؤمن بالله كافر بالكواكب ; يعني في شأن الأنواء . وقال
الزجاج - وهو أحسن الأقوال ، والذي عليه الأئمة والجمهور من الأمة - : إن الله خلق الكافر ، وكفره فعل له وكسب ; مع أن الله خالق الكفر . وخلق المؤمن ، وإيمانه فعل له وكسب ; مع أن الله خالق الإيمان . والكافر يكفر ويختار الكفر بعد خلق الله إياه ; لأن الله تعالى قدر ذلك عليه وعلمه منه . ولا يجوز أن يوجد من كل واحد منهما غير الذي قدر عليه وعلمه منه ; لأن وجود خلاف المقدور عجز ، ووجود خلاف المعلوم جهل ، ولا يليقان بالله تعالى . وفي هذا سلامة من الجبر والقدر ; كما قال الشاعر :
يا ناظرا في الدين ما الأمر لا قدر صح ولا جبر
وقال
سيلان : قدم أعرابي
البصرة فقيل له : ما تقول في القدر ؟ فقال : أمر تغالت فيه الظنون ، واختلف فيه المختلفون ; فالواجب أن نرد ما أشكل علينا من حكمه إلى ما سبق من علمه .