قوله تعالى :
وإنك لعلى خلق عظيم فيه مسألتان :
الأولى :
قوله تعالى : وإنك لعلى خلق عظيم قال
ابن عباس ومجاهد : " على خلق " : على دين عظيم من الأديان ، ليس دين أحب إلى الله تعالى ولا أرضى عنده منه . وفي صحيح
مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=831458عن عائشة أن خلقه كان القرآن . وقال
علي رضي الله عنه
وعطية : هو أدب القرآن . وقيل : هو رفقه بأمته وإكرامه إياهم . وقال
قتادة : هو ما كان يأتمر به من أمر الله وينتهي عنه مما نهى الله عنه . وقيل : أي إنك على طبع كريم .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : وهو الظاهر . وحقيقة الخلق في اللغة : هو ما يأخذ به الإنسان نفسه من الأدب يسمى خلقا ; لأنه يصير كالخلقة فيه . وأما ما طبع عليه من الأدب فهو الخيم ( بالكسر ) : السجية والطبيعة ، لا واحد له من لفظه . وخيم : اسم جبل . فيكون الخلق الطبع المتكلف . والخيم الطبع الغريزي . وقد أوضح
الأعشى ذلك في شعره فقال :
وإذا ذو الفضول ضن على المو لى وعادت لخيمها الأخلاق
أي رجعت الأخلاق إلى طبائعها .
قلت : ما ذكرته عن
عائشة في صحيح
مسلم أصح الأقوال .
nindex.php?page=hadith&LINKID=865300وسئلت أيضا عن خلقه عليه السلام ; فقرأت قد أفلح المؤمنون إلى عشر آيات ، وقالت : ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما دعاه أحد من الصحابة ولا من أهل بيته إلا قال لبيك ، ولذلك قال الله تعالى :
وإنك لعلى خلق عظيم . ولم يذكر خلق محمود إلا وكان للنبي صلى الله عليه وسلم منه الحظ الأوفر .
وقال
الجنيد : سمي خلقه عظيما لأنه لم تكن له همة سوى الله تعالى . وقيل : سمي خلقه عظيما
[ ص: 211 ] لاجتماع مكارم الأخلاق فيه ; يدل عليه قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500541 " إن الله بعثني لأتم مكارم الأخلاق " . وقيل : لأنه امتثل تأديب الله تعالى إياه بقوله تعالى :
خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين . وقد روي عنه عليه السلام أنه قال :
" أدبني ربي تأديبا حسنا إذ قال : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فلما قبلت ذلك منه قال : إنك لعلى خلق عظيم " .
الثانية : روى
الترمذي عن
أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831459 " اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن " . قال : حديث حسن صحيح . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831460 " ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذيء " . قال : حديث حسن صحيح . وعنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831461 " ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق ، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصلاة والصوم " . قال : حديث غريب من هذا الوجه . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831462سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال : " تقوى الله وحسن الخلق " . وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : " الفم والفرج " قال : هذا حديث صحيح غريب . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك أنه
وصف حسن الخلق فقال : هو بسط الوجه ، وبذل المعروف ، وكف الأذى . وعن
جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831463 " إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا - قال - وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون . قالوا : يا رسول الله ، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون ، فما [ ص: 212 ] المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون " . قال : وفي الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .