قوله تعالى : ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم
يعني
الأخنس بن شريق ; في قول
الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق . وقيل :
الأسود بن عبد يغوث ، أو
nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود ; قاله
مجاهد . وقيل :
الوليد بن المغيرة ، عرض على النبي صلى الله عليه وسلم مالا وحلف أن يعطيه إن رجع عن دينه ; قاله
مقاتل . وقال
ابن عباس : هو
أبو جهل بن هشام . والحلاف : الكثير الحلف . والمهين : الضعيف القلب ; عن
مجاهد .
ابن عباس : الكذاب . والكذاب مهين . وقيل : المكثار في الشر ; قاله
الحسن وقتادة . وقال
الكلبي : المهين الفاجر العاجز . وقيل : معناه الحقير عند الله . وقال
ابن شجرة : إنه الذليل .
الرماني : المهين الوضيع لإكثاره من القبيح . وهو فعيل من المهانة بمعنى القلة . وهي هنا القلة في الرأي والتمييز . أو هو فعيل بمعنى مفعل ; والمعنى مهان .
هماز قال
ابن زيد : الهماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم . واللماز باللسان . وقال
الحسن : هو الذي يهمز ناحية في المجلس ; كقوله تعالى : " همزة " . وقيل : الهماز الذي يذكر الناس في وجوههم . واللماز الذي يذكرهم في مغيبهم ; قاله
أبو العالية nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح والحسن أيضا . وقال
مقاتل ضد هذا الكلام : إن الهمزة الذي يغتاب بالغيبة . واللمزة الذي يغتاب في الوجه . وقال
مرة : هما سواء . وهو القتات الطعان للمرء إذا غاب . ونحوه عن
ابن عباس وقتادة . قال الشاعر :
تدلي بود إذا لاقيتني كذبا وإن أغب فأنت الهامز اللمزه
[ ص: 215 ] مشاء بنميم أي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم . يقال : نم ينم نما ونميما ونميمة ; أي يمشي ويسعى بالفساد . وفي صحيح
مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=831464عن حذيفة أنه بلغه أن رجلا ينم الحديث ، فقال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يدخل الجنة نمام " . وقال الشاعر :
ومولى كبيت النمل لا خير عنده لمولاه إلا سعيه بنميم
قال
الفراء : هما لغتان . وقيل : النميم جمع نميمة .
مناع للخير أي للمال أن ينفق في وجوهه . وقال
ابن عباس : يمنع عن الإسلام ولده وعشيرته . وقال
الحسن : يقول لهم من دخل منكم في دين
محمد لا أنفعه بشيء أبدا .
معتد ؛ أي على الناس في الظلم ، متجاوز للحد ، صاحب باطل .
أثيم أي ذي إثم ، ومعناه أثوم ، فهو فعيل بمعنى فعول .
عتل بعد ذلك زنيم العتل الجافي الشديد في كفره . وقال
الكلبي والفراء : هو الشديد الخصومة بالباطل . وقيل : إنه الذي يعتل الناس فيجرهم إلى حبس أو عذاب . مأخوذ من العتل وهو الجر ; ومنه قوله تعالى : خذوه فاعتلوه . وفي الصحاح : وعتلت الرجل أعتله وأعتله إذا جذبته جذبا عنيفا . ورجل معتل ( بالكسر ) . وقال يصف فرسا :
نفرعه فرعا ولسنا نعتله
قال
ابن السكيت : عتله وعتنه ، باللام والنون جميعا . والعتل الغليظ الجافي . والعتل أيضا : الرمح الغليظ . ورجل عتل ( بالكسر ) بين العتل ; أي سريع إلى الشر . ويقال : لا أنعتل معك ; أي لا أبرح مكاني . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير : العتل الأكول الشروب القوي الشديد يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة ; يدفع الملك من أولئك في جهنم بالدفعة الواحدة سبعين ألفا . وقال
علي بن أبي طالب والحسن : العتل الفاحش السيئ الخلق . وقال
معمر : هو الفاحش اللئيم . قال الشاعر :
بعتل من الرجال زنيم غير ذي نجدة وغير كريم
[ ص: 216 ] وفي صحيح
مسلم عن
حارثة بن وهب سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865308 " ألا أخبركم بأهل الجنة . قالوا : بلى . قال : كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره . ألا أخبركم بأهل النار . قالوا : بلى . قال : كل عتل جواظ مستكبر . في رواية عنه : كل جواظ زنيم متكبر " . الجواظ : قيل هو الجموع المنوع . وقيل الكثير اللحم المختال في مشيته . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب عن
عبد الرحمن بن غنم ، ورواه
ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865309 " لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا العتل الزنيم " . فقال رجل : ما الجواظ وما الجعظري وما العتل الزنيم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجواظ الذي جمع ومنع . والجعظري الغليظ . والعتل الزنيم الشديد الخلق ، الرحيب الجوف ، المصحح الأكول الشروب ، الواجد للطعام ، الظلوم للناس " . وذكره
الثعلبي nindex.php?page=hadith&LINKID=865310عن شداد بن أوس : " لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا عتل زنيم " . سمعتهن من النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : وما الجواظ ؟ قال : الجماع المناع . قلت : وما الجعظري ؟ قال : الفظ الغليظ . قلت : وما العتل الزنيم ؟ قال : الرحيب الجوف ، الوثير الخلق ، الأكول الشروب ، الغشوم الظلوم .
قلت : فهذا التفسير من النبي صلى الله عليه وسلم في العتل قد أربى على أقوال المفسرين . ووقع في كتاب
أبي داود في تفسير الجواظ أنه الفظ الغليظ . ذكره من حديث
حارثة بن وهب الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831465 " لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري " . قال : والجواظ : الفظ [ ص: 217 ] الغليظ . ففيه تفسيران مرفوعان حسب ما ذكرناه أولا . وقد قيل : إنه الجافي القلب . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم في قوله تعالى : عتل بعد ذلك زنيم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تبكي السماء من رجل أصح الله جسمه ، ورحب جوفه ، وأعطاه من الدنيا بعضا ، فكان للناس ظلوما ، فذلك العتل الزنيم . وتبكي السماء من الشيخ الزاني ما تكاد الأرض تقله " . والزنيم الملصق بالقوم الدعي ; عن
ابن عباس وغيره . قال الشاعر :
زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع
وعن
ابن عباس أيضا أنه رجل من
قريش كانت له زنمة كزنمة الشاة . وروى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير . أنه الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها . وقال
عكرمة : هو اللئيم الذي يعرف بلؤمه كما تعرف الشاة بزنمتها . وقيل : إنه الذي يعرف بالأبنة . وهو مروي عن
ابن عباس أيضا . وعنه أنه الظلوم . فهذه ستة أقوال . وقال
مجاهد : زنيم كانت له ستة أصابع في يده ، في كل إبهام له إصبع زائدة . وعنه أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب وعكرمة : هو ولد الزنا الملحق في النسب بالقوم . وكان
الوليد دعيا في
قريش ليس من سنخهم ; ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده . قال الشاعر :
زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم
وقال
حسان :
وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
قلت : وهذا هو القول الأول بعينه . وعن
علي رضي الله تعالى عنه أنه الذي لا أصل له ; والمعنى واحد . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لا يدخل الجنة ولد زنا ، ولا ولده ، ولا ولد ولده " . وقال
عبد الله بن عمر : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إن أولاد الزنا يحشرون يوم القيامة في صورة القردة [ ص: 218 ] والخنازير " . وقالت
ميمونة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831466 " لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا ، فإذا فشا فيهم ولد الزنا أوشك أن يعمهم الله بعقاب " . وقال
عكرمة : إذا كثر ولد الزنا قحط المطر .
قلت : أما الحديث الأول والثاني فما أظن لهما سندا يصح ، وأما حديث
ميمونة وما قاله
عكرمة ففي صحيح
مسلم عن
زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831467خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما فزعا محمرا وجهه يقول : " لا إله إلا الله . ويل للعرب من شر قد اقترب . فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه . وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها . قالت : فقلت : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم ، إذا كثر الخبث " خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وكثرة الخبث ظهور الزنا وأولاد الزنا ; كذا فسره العلماء . وقول
عكرمة " قحط المطر " تبيين لما يكون به الهلاك . وهذا يحتاج إلى توقيف ، وهو أعلم من أين قاله . ومعظم المفسرين على أن هذا نزل في
الوليد بن المغيرة ، وكان يطعم أهل
منى حيسا ثلاثة أيام ، وينادي : ألا لا يوقدن أحد تحت برمة ، ألا لا يدخنن أحد بكراع ، ألا ومن أراد الحيس فليأت
الوليد بن المغيرة . وكان ينفق في الحجة الواحدة عشرين ألفا وأكثر . ولا يعطي المسكين درهما واحدا فقيل :
مناع للخير . وفيه نزل :
ويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة . وقال
محمد بن إسحاق : نزلت في
الأخنس بن شريق ، لأنه حليف ملحق في
بني زهرة ، فلذلك سمي زنيما . وقال
ابن عباس : في هذه الآية نعت ، فلم يعرف حتى قتل فعرف ، وكان له زنمة في عنقه معلقة يعرف بها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني : إنما ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة .