قوله تعالى :
وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا قوله تعالى : وأنا لما سمعنا الهدى يعني القرآن آمنا به وبالله ، وصدقنا
محمدا - صلى الله عليه وسلم - على رسالته . وكان - صلى الله عليه وسلم - مبعوثا إلى الإنس والجن .
قال
الحسن : بعث الله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى الإنس والجن ، ولم يبعث الله تعالى قط رسولا من الجن ، ولا من أهل البادية ، ولا من النساء ; وذلك قوله تعالى :
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى وقد تقدم هذا المعنى .
وفي الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866481وبعثت إلى الأحمر والأسود أي الإنس والجن .
فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا قال
ابن عباس : لا يخاف أن ينقص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته ; لأن البخس النقصان والرهق : العدوان وغشيان المحارم ; قال
الأعشى :
لا شيء ينفعني من دون رؤيتها هل يشتفي وامق ما لم يصب رهقا
الوامق : المحب ; وقد ومقه يمقه بالكسر أي أحبه ، فهو وامق . وهذا قول حكاه الله تعالى عن الجن ; لقوة إيمانهم وصحة إسلامهم . وقراءة العامة فلا يخاف رفعا على تقدير فإنه لا يخاف . وقرأ
الأعمش ويحيى وإبراهيم ( فلا يخف ) جزما على جواب الشرط وإلغاء الفاء .
قوله تعالى :
وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون أي وأنا بعد استماع القرآن مختلفون ، فمنا من أسلم ومنا من كفر .
والقاسط : الجائر ، لأنه عادل عن الحق ، والمقسط : العادل ; لأنه عادل إلى الحق ; يقال : قسط : أي جار ، وأقسط : إذا عدل ; قال الشاعر :
قوم هم قتلوا ابن هند عنوة عمرا وهم قسطوا على النعمان
[ ص: 17 ] فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا أي قصدوا طريق الحق وتوخوه ومنه تحرى القبلة
وأما القاسطون أي الجائرون عن طريق الحق والإيمان فكانوا لجهنم حطبا أي وقودا . وقوله : فكانوا أي في علم الله تعالى .