[ ص: 148 ] سورة ( عم )
مكية وتسمى سورة ( النبأ )
وهي أربعون أو إحدى وأربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون قوله تعالى : عم يتساءلون ؟ عم لفظ استفهام ; ولذلك سقطت منها ألف ( ما ) ، ليتميز الخبر عن الاستفهام . وكذلك ( فيم ، ومم ) إذا استفهمت . والمعنى عن أي شيء يسأل بعضهم بعضا وقال
الزجاج : أصل عم عن ما فأدغمت النون في الميم ، لأنها تشاركها في الغنة . والضمير في يتساءلون
لقريش . وروى
أبو صالح عن
ابن عباس قال : كانت
قريش تجلس لما نزل القرآن فتتحدث فيما بينها فمنهم المصدق ومنهم المكذب به فنزلت
عم يتساءلون ؟ وقيل : عم بمعنى : فيم يتشدد المشركون ويختصمون .
قوله تعالى : عن النبأ العظيم أي يتساءلون عن النبأ العظيم فعن ليس تتعلق ب ( يتساءلون ) الذي في التلاوة ; لأنه كان يلزم دخول حرف الاستفهام فيكون عن النبأ العظيم كقولك : كم مالك أثلاثون أم أربعون ؟ فوجب لما ذكرناه من امتناع تعلقه ب " يتساءلون " الذي في التلاوة ، وإنما يتعلق ب " يتساءلون " آخر مضمر . وحسن ذلك لتقدم يتساءلون ; قاله
المهدوي . وذكر بعض أهل العلم أن الاستفهام في قوله : ( عن ) مكرر إلا أنه
[ ص: 149 ] مضمر ، كأنه قال عم يتساءلون أعن النبأ العظيم ؟ فعلى هذا يكون متصلا بالآية الأولى . والنبأ العظيم أي الخبر الكبير .
الذي هم فيه مختلفون أي يخالف فيه بعضهم بعضا ، فيصدق واحد ويكذب آخر ; فروى
أبو صالح عن
ابن عباس قال : هو القرآن ; دليله قوله :
قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون فالقرآن نبأ وخبر وقصص ، وهو نبأ عظيم الشأن . وروى
سعيد عن
قتادة قال : هو البعث بعد الموت صار الناس فيه رجلين : مصدق ومكذب . وقيل : أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - . وروى
الضحاك عن
ابن عباس قال : وذلك أن
اليهود سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء كثيرة ، فأخبره الله - جل ثناؤه - باختلافهم .
ثم هددهم فقال :
كلا سيعلمون أي سيعلمون عاقبة القرآن ، أو سيعلمون البعث : أحق هو أم باطل . و ( كلا ) رد عليهم في إنكارهم البعث أو تكذيبهم القرآن ، فيوقف عليها . ويجوز أن يكون بمعنى حقا أو ( ألا ) فيبدأ بها . والأظهر أن سؤالهم إنما كان عن البعث ; قال بعض علمائنا : والذي يدل عليه قوله - عز وجل - :
إن يوم الفصل كان ميقاتا يدل على أنهم كانوا يتساءلون عن البعث .
ثم كلا سيعلمون أي حقا ليعلمن صدق ما جاء به
محمد - صلى الله عليه وسلم - من القرآن ومما ذكره لهم من البعث بعد الموت . وقال
الضحاك :
كلا سيعلمون يعني الكافرين عاقبة تكذيبهم .
ثم كلا سيعلمون يعني المؤمنين عاقبة تصديقهم . وقيل : بالعكس أيضا . وقال
الحسن : هو وعيد بعد وعيد . وقراءة العامة فيهما بالياء على الخبر ; لقوله تعالى : يتساءلون وقوله :
هم فيه مختلفون . وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية nindex.php?page=showalam&ids=16871ومالك بن دينار بالتاء فيهما .