قوله تعالى :
يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا قوله تعالى : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك المراد بالإنسان الجنس أي يا بن آدم . وكذا روى
سعيد عن
قتادة : يا بن آدم ، إن كدحك لضعيف ، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ولا قوة إلا بالله . وقيل : هو معين ، قال
مقاتل : يعني
الأسود بن عبد الأسد ويقال : يعني
أبي بن خلف . ويقال : يعني جميع الكفار ، أيها الكافر إنك كادح . والكدح في كلام العرب : العمل والكسب ; قال
ابن مقبل :
وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
وقال آخر :
ومضت بشاشة كل عيش صالح وبقيت أكدح للحياة وأنصب
أي أعمل . وروى
الضحاك عن
ابن عباس : إنك كادح أي راجع
إلى ربك كدحا أي رجوعا لا محالة فملاقيه أي ملاق ربك . وقيل : ملاق عملك .
القتبي إنك كادح أي عامل ناصب في معيشتك إلى لقاء ربك . والملاقاة بمعنى اللقاء أن تلقى ربك بعملك . وقيل أي تلاقي كتاب عملك ; لأن العمل قد انقضى ولهذا قال :
فأما من أوتي كتابه بيمينه [ ص: 234 ] قوله تعالى :
فأما من أوتي كتابه بيمينه وهو المؤمن
فسوف يحاسب حسابا يسيرا لا مناقشة فيه . كذا روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث
عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=866661من حوسب يوم القيامة عذب ، قالت : فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا فقال : ليس ذاك الحساب ; إنما ذلك العرض ، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب " أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي . وقال حديث حسن صحيح .
وينقلب إلى أهله مسرورا أزواجه في الجنة من الحور العين مسرورا أي مغتبطا قرير العين . ويقال إنها نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة بن عبد الأسد ، هو
أول من هاجر من مكة إلى المدينة . وقيل : إلى أهله الذين كانوا له في الدنيا ، ليخبرهم بخلاصه وسلامته . والأول قول
قتادة . أي إلى أهله الذين قد أعدهم الله له في الجنة .