قوله تعالى :
فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم
قوله تعالى : فذكر أي فعظهم يا
محمد وخوفهم .
إنما أنت مذكر أي واعظ .
لست عليهم بمسيطر أي بمسلط عليهم فتقتلهم . ثم نسختها آية السيف . وقرأ
هارون الأعور ( بمسيطر ) ( بفتح الطاء ) ، والمسيطرون . وهي لغة
تميم . وفي الصحاح : " المسيطر والمصيطر : المسلط على الشيء ، ليشرف عليه ، ويتعهد أحواله ، . ويكتب عمله ، وأصله من السطر ; لأن من معنى السطر ألا يتجاوز ، فالكتاب مسطر ، والذي يفعله مسطر ومسيطر يقال : سيطرت علينا ، وقال تعالى :
لست عليهم بمسيطر . وسطره أي صرعه .
إلا من تولى وكفر استثناء منقطع ، أي لكن من تولى عن الوعظ والتذكير .
فيعذبه الله العذاب الأكبر وهي جهنم الدائم عذابها . وإنما قال : الأكبر ; لأنهم عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط والأسر والقتل . ودليل هذا التأويل قراءة
ابن مسعود : إلا من تولى وكفر فإنه يعذبه الله . وقيل : هو استثناء متصل . والمعنى : لست بمسلط إلا على من تولى وكفر ، فأنت مسلط
[ ص: 34 ] عليه بالجهاد ، والله يعذبه بعد ذلك العذاب الأكبر ، فلا نسخ في الآية على هذا التقدير . وروي أن
عليا أتي برجل ارتد ، فاستتابه ثلاثة أيام ، فلم يعاود الإسلام ، فضرب عنقه ، وقرأ
إلا من تولى وكفر . وقرأ
ابن عباس وقتادة ألا على الاستفتاح والتنبيه ، كقول
امرئ القيس :
ألا رب يوم لك منهن صالح [ ولا سيما يوم بدارة جلجل ]
ومن على هذا : للشرط . والجواب فيعذبه الله والمبتدأ بعد الفاء مضمر ، والتقدير : فهو يعذبه الله ; لأنه لو أريد الجواب بالفعل الذي بعد الفاء لكان : إلا من تولى وكفر يعذبه الله .
إن إلينا إيابهم أي رجوعهم بعد الموت . يقال : آب يئوب أي رجع . قال
عبيد :
وكل ذي غيبة يئوب وغائب الموت لا يئوب
وقرأ
أبو جعفر ( إيابهم ) بالتشديد . قال
أبو حاتم : لا يجوز التشديد ، ولو جاز لجاز مثله في الصيام والقيام . وقيل : هما لغتان بمعنى .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقرأ
أبو جعفر المدني ( إيابهم ) بالتشديد ووجهه أن يكون فيعالا : مصدر أيب ، قيل من الإياب . أو أن يكون أصله إوابا فعالا من أوب ، ثم قيل : إيوابا كديوان في دوان . ثم فعل ما فعل بأصل سيد ونحوه .