قوله تعالى : التي لم يخلق مثلها في البلاد [ ص: 42 ] الضمير في مثلها يرجع إلى القبيلة . أي لم يخلق مثل القبيلة في البلاد : قوة وشدة ، وعظم أجساد ، وطول قامة عن
الحسن وغيره . وفي حرف
عبد الله التي لم يخلق مثلهم في البلاد . وقيل : يرجع للمدينة . والأول أظهر ، وعليه الأكثر ، حسب ما ذكرناه . ومن جعل
إرم مدينة قدر حذفا ، المعنى : كيف فعل ربك
بمدينة عاد إرم ، أو بعد صاحبه
إرم .
وإرم على هذا : مؤنثة معرفة . واختار
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي أنها
دمشق ; لأنه ليس في البلاد مثلها . ثم أخذ ينعتها بكثرة مياهها وخيراتها . ثم قال : وإن في
الإسكندرية لعجائب ، لو لم يكن إلا المنارة ، فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد ، ولكن لها أمثال ، فأما
دمشق فلا مثل لها . وقد روى
معن عن
مالك أن كتابا وجد
بالإسكندرية ، فلم يدر ما هو ؟ فإذا فيه : ( أنا
شداد بن عاد ، الذي رفع العماد ، بنيتها حين لا شيب ولا موت ) . قال
مالك : إن كان لتمر بهم مائة سنة لا يرون فيها جنازة . وذكر عن
ثور بن زيد أنه قال : أنا
شداد بن عاد ، وأنا رفعت العماد ، وأنا الذي شددت بذراعي بطن الواد ، وأنا الذي كنزت كنزا على سبعة أذرع ، لا يخرجه إلا أمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - وروي أنه كان لعاد ابنان :
شداد وشديد فملكا وقهرا ، ثم مات شديد ، وخلص الأمر
لشداد فملك الدنيا ، ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة ، فقال : أبني مثلها . فبنى
إرم في بعض صحاري
عدن ، في ثلثمائة سنة ، وكان عمره تسعمائة سنة . وهي مدينة عظيمة ، قصورها من الذهب والفضة ، وأساطينها من الزبرجد والياقوت ، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة . ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته ، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة ، بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا . وعن
عبد الله بن قلابة : أنه خرج في طلب إبل له ، فوقع عليها ، فحمل ما قدر عليه مما ثم ، وبلغ خبره
معاوية فاستحضره ، فقص عليه ، فبعث إلى
كعب فسأله ، فقال : هي
إرم ذات العماد ، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك ، أحمر أشقر قصير ، على حاجبه خال ، وعلى عقبه خال ، يخرج في طلب إبل له ثم التفت فأبصر
ابن قلابة ، وقال : هذا والله ذلك الرجل . وقيل : أي لم يخلق مثل أبنية
عاد المعروفة بالعمد . فالكناية للعماد . والعماد على هذا جمع عمد . وقيل : الإرم : الهلاك يقال : أرم بنو فلان : أي هلكوا وقاله
ابن عباس . وقرأ
الضحاك : ( أرم ذات العماد ) أي أهلكهم ، فجعلهم رميما .