قوله تعالى : كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة
قوله تعالى :
كلا لئن لم ينته أي
أبو جهل عن أذاك يا
محمد .
لنسفعا أي لنأخذن بالناصية فلنذلنه . وقيل : لنأخذن بناصيته يوم القيامة ، وتطوى مع قدميه ، ويطرح في النار ، كما قال تعالى :
فيؤخذ بالنواصي والأقدام . فالآية - وإن كانت في
أبي جهل - فهي عظة للناس ، وتهديد لمن يمتنع أو يمنع غيره عن الطاعة . وأهل اللغة يقولون : سفعت بالشيء : إذا قبضت عليه وجذبته جذبا شديدا . ويقال : سفع بناصية فرسه . قال [
حميد بن ثور الهلالي الصحابي ] :
قوم إذا كثر الصياح رأيتهم من بين ملجم مهره أو سافع
وقيل : هو مأخوذ من سفعته النار والشمس : إذا غيرت وجهه إلى حال تسويد ; كما قال :
أثافي سفعا في معرس مرجل ونأي كجذم الحوض أثلم خاشع
والناصية : شعر مقدم الرأس . وقد يعبر بها عن جملة الإنسان ; كما يقال : هذه ناصية مباركة ; إشارة إلى جميع الإنسان . وخص الناصية بالذكر على عادة العرب فيمن أرادوا إذلاله وإهانته أخذوا بناصيته . وقال
المبرد : السفع : الجذب بشدة ; أي لنجرن بناصيته إلى النار . وقيل : السفع الضرب ; أي لنلطمن وجهه . وكله متقارب المعنى . أي يجمع عليه الضرب عند
[ ص: 112 ] الأخذ ; ثم يجر إلى جهنم .
ثم قال على البدل :
ناصية كاذبة خاطئة أي ناصية
أبي جهل كاذبة في قولها ، خاطئة في فعلها . والخاطئ معاقب مأخوذ . والمخطئ غير مأخوذ . ووصف الناصية بالكاذبة الخاطئة كوصف الوجوه بالنظر في قوله تعالى :
إلى ربها ناظرة . وقيل : أي صاحبها كاذب خاطئ ; كما يقال : نهاره صائم ، وليله قائم ; أي هو صائم في نهاره ، ثم قائم في ليله .