قوله تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
وما أمروا أي وما أمر هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل
إلا ليعبدوا الله أي ليوحدوه . واللام في ليعبدوا بمعنى أن ; كقوله :
يريد الله ليبين لكم أي أن يبين . و يريدون ليطفئوا نور الله .
و أمرنا لنسلم لرب العالمين . وفي حرف
عبد الله : وما أمروا إلا أن يعبدوا الله .
مخلصين له الدين أي العبادة ; ومنه قوله تعالى :
قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين . وفي هذا دليل على وجوب
النية في العبادات فإن الإخلاص من عمل القلب وهو الذي يراد به وجه الله تعالى لا غيره .
الثانية : قوله تعالى : حنفاء أي مائلين عن الأديان كلها ، إلى دين الإسلام ، وكان
ابن عباس يقول : حنفاء على دين
إبراهيم - عليه السلام - . وقيل : الحنيف : من اختتن وحج ; قاله
سعيد بن جبير . قال أهل اللغة : وأصله أنه تحنف إلى الإسلام ; أي مال إليه .
[ ص: 128 ] الثالثة : قوله تعالى :
ويقيموا الصلاة أي بحدودها في أوقاتها .
ويؤتوا الزكاة أي يعطوها عند محلها .
وذلك دين القيمة أي ذلك الدين الذي أمروا به دين القيامة ; أي الدين المستقيم . وقال
الزجاج : أي ذلك دين الملة المستقيمة . والقيمة : نعت لموصوف محذوف . أو يقال : دين الأمة القيمة بالحق ; أي القائمة بالحق . وفي حرف عبد الله وذلك الدين القيم . قال
الخليل : القيمة جمع القيم ، والقيم والقائم : واحد . وقال
الفراء : أضاف الدين إلى القيمة وهو نعته ، لاختلاف اللفظين . وعنه أيضا : هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ، ودخلت الهاء للمدح والمبالغة . وقيل : الهاء راجعة إلى الملة أو الشريعة . وقال
محمد بن الأشعث ، الطالقاني القيمة هاهنا : الكتب التي جرى ذكرها ، والدين مضاف إليها .