قوله تعالى : كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون قوله تعالى : ( كلا ) قال
الفراء : أي ليس الأمر على ما أنتم عليه من التفاخر والتكاثر والتمام على هذا
كلا سوف تعلمون أي سوف تعلمون عاقبة هذا .
ثم كلا سوف تعلمون وعيد بعد وعيد ; قاله
مجاهد . ويحتمل أن يكون تكراره على وجه التأكيد والتغليظ ; وهو قول
الفراء . وقال
ابن عباس :
كلا سوف تعلمون ما ينزل بكم من العذاب في القبر .
ثم كلا سوف تعلمون : في الآخرة إذا حل بكم العذاب . فالأول في القبر ، والثاني في الآخرة ; فالتكرار للحالتين . وقيل
كلا سوف تعلمون عند المعاينة ، أن ما دعوتكم إليه حق .
ثم كلا سوف تعلمون : عند البعث أن ما وعدتكم به صدق . وروى
زر بن حبيش عن
علي - رضي الله عنه - ، قاله : كنا نشك في عذاب القبر ، حتى نزلت هذه السورة ، فأشار إلى أن قوله :
كلا سوف تعلمون يعني في القبور . وقيل :
كلا سوف تعلمون ; إذا نزل بكم الموت ، وجاءتكم رسل لتنزع أرواحكم .
ثم كلا سوف تعلمون : إذا دخلتم قبوركم ، وجاءكم منكر ونكير ، وحاط بكم هول السؤال ، وانقطع منكم الجواب .
قلت : فتضمنت السورة
القول في عذاب القبر . وقد ذكرنا في كتاب ( التذكرة ) أن الإيمان به واجب ، والتصديق به لازم ; حسبما أخبر به الصادق ، وأن الله تعالى يحيي العبد المكلف في قبره ، برد الحياة إليه ، ويجعل له من العقل في مثل الوصف الذي عاش عليه ; ليعقل ما يسأل عنه ، وما يجيب به ، ويفهم ما أتاه من ربه ، وما أعد له في قبره ، من كرامة وهوان . وهذا هو مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أهل الملة . وقد ذكرناه هناك
[ ص: 155 ] مستوفى ، والحمد لله ، وقيل :
كلا سوف تعلمون عند النشور أنكم مبعوثون
ثم كلا سوف تعلمون في القيامة أنكم معذبون . وعلى هذا تضمنت أحوال القيامة من بعث وحشر ، وسؤال وعرض ، إلى غير ذلك من أهوالها وأفزاعها حسب ما ذكرناه في كتاب ( التذكرة ، بأحوال الموتى وأمور الآخرة ) . وقال
الضحاك :
كلا سوف تعلمون يعني الكفار ،
ثم كلا سوف تعلمون : قال المؤمنون . وكذلك كان يقرؤها ، الأولى بالتاء والثانية بالياء .