[ ص: 163 ] تفسير
سورة الهمزة مكية بإجماع . وهي تسع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
ويل لكل همزة لمزة
قد تقدم القول في الويل في غير موضع ، ومعناه الخزي والعذاب والهلكة . وقيل : واد في جهنم .
لكل همزة لمزة قال
ابن عباس : هم المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العيب ; فعلى هذا هما بمعنى . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832682شرار عباد الله تعالى المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العيب . وعن
ابن عباس أن الهمزة : الذي يغتاب واللمزة : العياب . وقال
أبو العالية والحسن ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح : الهمزة : الذي يغتاب ويطعن في وجه الرجل ، واللمزة : الذي يغتابه من خلفه إذا غاب ; ومنه قول
حسان :
همزتك فاختضعت بذل نفس بقافية تأجج كالشواظ
واختار هذا القول
النحاس ، قال : ومنه قوله تعالى
ومنهم من يلمزك في الصدقات . وقال
مقاتل ضد هذا الكلام : إن الهمزة : الذي يغتاب بالغيبة ، واللمزة : الذي يغتاب في الوجه . وقال
قتادة ومجاهد : الهمزة : الطعان في الناس ، واللمزة : الطعان في
[ ص: 164 ] أنسابهم . وقال
ابن زيد : الهامز : الذي يهمز الناس بيده ويضربهم ، واللمزة : الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري يهمز بلسانه ، ويلمز بعينيه . وقال
ابن كيسان : الهمزة الذي يؤذي جلساءه بسوء اللفظ ، واللمزة : الذي يكسر عينه على جليسه ، ويشير بعينه ورأسه وبحاجبيه . وقال مرة : هما سواء ; وهو القتات الطعان للمرء إذا غاب . وقال
زياد الأعجم :
تدلي بودي إذا لاقيتني كذبا وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه
وقال آخر :
إذا لقيتك عن سخط تكاشرني وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه
السخط : البعد . والهمزة : اسم وضع للمبالغة في هذا المعنى ; كما يقال : سخرة وضحكة : للذي يسخر ويضحك بالناس . وقرأ
أبو جعفر محمد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج همزة لمزة بسكون الميم فيهما . فإن صح ذلك عنهما ، فهي في معنى المفعول ، وهو الذي يتعرض للناس حتى يهمزوه ويضحكوا منه ، ويحملهم على الاغتياب . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبو وائل والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : ويل للهمزة اللمزة . وأصل الهمز : الكسر ، والعض على الشيء بعنف ; ومنه همز الحرف . ويقال : همزت رأسه . وهمزت الجوز بكفي كسرته . وقيل لأعرابي : أتهمزون ( الفارة ) ؟ فقال : إنما تهمزها الهرة . الذي في الصحاح : وقيل لأعرابي أتهمز الفارة ؟ فقال السنور يهمزها . والأول قاله
الثعلبي ، وهو يدل على أن الهر يسمى الهمزة . قال
العجاج :
ومن همزنا رأسه تهشما
وقيل : أصل الهمز واللمز : الدفع والضرب . لمزه يلمزه لمزا : إذا ضربه ودفعه . وكذلك همزه : أي دفعه وضربه . قال الراجز :
ومن همزنا عزه تبركعا على استه زوبعة أو زوبعا
البركعة : القيام على أربع . وبركعه فتبركع ; أي صرعه فوقع على استه ; قاله في الصحاح . والآية نزلت في
الأخنس بن شريق ، فيما روى
الضحاك عن
ابن عباس . وكان يلمز الناس ويعيبهم : مقبلين ومدبرين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : في
الوليد بن المغيرة ، وكان يغتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ورائه ، ويقدح فيه في وجهه . وقيل : نزلت في
أبي بن خلف . وقيل : في
جميل بن عامر الثقفي . وقيل : إنها مرسلة على العموم من غير تخصيص ; وهو قول الأكثرين . قال
مجاهد : ليست بخاصة لأحد ، بل لكل من كانت هذه صفته . وقال
الفراء : يجوز أن يذكر
[ ص: 165 ] الشيء العام ويقصد به الخاص ، قصد الواحد إذا قال : لا أزورك أبدا . فتقول : من لم يزرني فلست بزائره ; يعني ذلك القائل .