قوله تعالى : إن شانئك هو الأبتر
أي مبغضك ; وهو
العاص بن وائل . وكانت العرب تسمي من كان له بنون وبنات ، ثم مات البنون وبقي البنات : أبتر . فيقال : إن
العاص وقف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يكلمه ، فقال له جمع من صناديد
قريش : مع من كنت واقفا ؟ فقال : مع ذلك الأبتر . وكان قد توفي قبل ذلك
عبد الله ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان من
خديجة ; فأنزل الله جل شأنه :
إن شانئك هو الأبتر أي المقطوع ذكره من خير الدنيا والآخرة . وذكر
عكرمة عن
ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية إذا مات ابن الرجل قالوا : بتر فلان . فلما مات
إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج
أبو جهل إلى أصحابه ، فقال : بتر
محمد ; فأنزل الله جل ثناؤه :
إن شانئك هو الأبتر يعني بذلك
أبا جهل . وقال
شمر بن عطية : هو
عقبة بن أبي معيط . وقيل : إن
قريشا كانوا يقولون لمن مات ذكور ولده : قد بتر فلان . فلما مات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنه
القاسم :
بمكة ، وإبراهيم بالمدينة ، قالوا : بتر
محمد ، [ ص: 198 ] فليس له من يقوم بأمره من بعده ; فنزلت هذه الآية ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وابن زيد . وقيل : إنه جواب
لقريش حين قالوا
لكعب بن الأشرف لما قدم
مكة : نحن أصحاب السقاية والسدانة والحجابة واللواء ، وأنت سيد
أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا الصنيبر الأبيتر من قومه ؟ قال
كعب : بل أنتم خير ; فنزلت في
كعب :
ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت الآية . ونزلت في
قريش :
إن شانئك هو الأبتر ; قاله
ابن عباس أيضا
وعكرمة .
وقيل : إن الله - عز وجل - لما أوحى إلى رسوله ، ودعا
قريشا إلى الإيمان ، قالوا : انبتر منا
محمد ; أي خالفنا وانقطع عنا . فأخبر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنهم هم المبتورون ; قاله أيضا
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب . قال أهل اللغة : الأبتر من الرجال : الذي لا ولد له ، ومن الدواب الذي لا ذنب له . وكل أمر انقطع من الخير أثره ، فهو أبتر . والبتر : القطع . بترت الشيء بترا : قطعته قبل الإتمام . والانبتار : الانقطاع . والباتر : السيف القاطع . والأبتر : المقطوع الذنب . تقول منه : بتر ( بالكسر ) يبتر بترا . وفي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=832702ما هذه البتيراء . وخطب
زياد خطبته البتراء ; لأنه لم يمجد الله فيها ، ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ابن السكيت : الأبتران : العير والعبد ; قال سميا أبترين لقلة خيرهما . وقد أبتره الله : أي صيره أبتر . ويقال : رجل أباتر بضم الهمزة : الذي يقطع رحمه قال الشاعر :
لئيم نزت في أنفه خنزوانة على قطع ذي القربى أحد أباتر
والبترية : فرقة من
الزيدية ; نسبوا إلى
المغيرة بن سعد ، ولقبه الأبتر . وأما الصنبور فلفظ مشترك . قيل : هو النخلة تبقى منفردة ، ويدق أسفلها ويتقشر ; يقال : صنبر أسفل النخلة . وقيل : هو الرجل الفرد الذي لا ولد له ولا أخ . وقيل : هو مثعب الحوض خاصة ; حكاه
أبو عبيد . وأنشد :
ما بين صنبور إلى الإزاء
والصنبور : قصبة تكون في الإداوة من حديد أو رصاص يشرب منها . حكى جميعه
الجوهري - رحمه الله - والله سبحانه وتعالى أعلم .