قوله تعالى :
وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون
فيه ست مسائل :
الأولى :
قوله تعالى وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة : قرأ
أبو عمرو " وعدنا " بغير ألف ، واختاره
أبو عبيد ورجحه وأنكر
واعدنا قال : لأن المواعدة إنما تكون من البشر فأما الله جل وعز فإنما هو المنفرد بالوعد والوعيد . على هذا وجدنا القرآن ، كقوله عز وجل :
وعدكم وعد الحق ( إبراهيم : 22 ) وقوله :
وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ( الفتح : 29 ) وقوله :
وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم قال
مكي : وأيضا فإن ظاهر اللفظ فيه وعد من الله تعالى
لموسى ، وليس فيه وعد من
موسى ، فوجب حمله على الواحد ، لظاهر النص أن الفعل مضاف إلى الله تعالى وحده ، وهي قراءة
الحسن وأبي رجاء وأبي جعفر وشيبة وعيسى بن عمر ، وبه قرأ
قتادة وابن أبي إسحاق قال
أبو حاتم : قراءة العامة عندنا " وعدنا " بغير ألف ; لأن المواعدة أكثر ما تكون بين المخلوقين والمتكافئين ، كل واحد منهما يعد صاحبه . قال
الجوهري : الميعاد : المواعدة والوقت والموضع . قال
مكي : المواعدة أصلها من اثنين ، وقد تأتي المفاعلة من واحد في كلام العرب ، قالوا : طارقت النعل ، وداويت العليل ، وعاقبت اللص ، والفعل من واحد . فيكون لفظ المواعدة من الله خاصة
لموسى كمعنى وعدنا ، فتكون القراءتان بمعنى واحد والاختيار واعدنا بالألف ؛ لأنه بمعنى " وعدنا " في أحد معنييه ، ولأنه لا بد
لموسى من وعد أو قبول يقوم مقام الوعد فتصح المفاعلة . قال
النحاس : وقراءة " واعدنا " بالألف أجود وأحسن ، وهي قراءة
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وابن كثير ونافع [ ص: 371 ] nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، وليس قوله عز وجل :
وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات من هذا في شيء ; لأن واعدنا موسى إنما هو من باب الموافاة ، وليس هذا من الوعد والوعيد في شيء ، وإنما هو من قولك : موعدك يوم الجمعة ، وموعدك موضع كذا . والفصيح في هذا أن يقال : واعدته . قال
أبو إسحاق الزجاج :
واعدنا ها هنا بالألف جيد ؛ لأن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة ، فمن الله جل وعز وعد ، ومن
موسى قبول واتباع يجري مجرى المواعدة . قال
ابن عطية . ورجح
أبو عبيدة " وعدنا " وليس بصحيح ; لأن قبول
موسى لوعد الله والتزامه وارتقابه يشبه المواعدة .