قوله تعالى : اهبطوا مصرا تقدم معنى الهبوط ، وهذا أمر معناه التعجيز ، كقوله تعالى :
قل كونوا حجارة أو حديدا لأنهم كانوا في التيه وهذا عقوبة لهم . وقيل : إنهم أعطوا ما طلبوه . و " مصرا " - بالتنوين منكرا - قراءة الجمهور ، وهو خط المصحف ، قال
مجاهد وغيره : فمن صرفها أراد مصرا من الأمصار غير معين . وروى
عكرمة عن
ابن عباس في قوله :
اهبطوا مصرا قال : مصرا من هذه الأمصار . وقالت طائفة ممن صرفها أيضا : أراد
مصر فرعون بعينها . استدل الأولون بما اقتضاه ظاهر القرآن من أمرهم دخول القرية ، وبما تظاهرت به الرواية أنهم سكنوا
الشام بعد التيه . واستدل الآخرون بما في القرآن من أن الله أورث بني إسرائيل ديار آل فرعون وآثارهم ، وأجازوا صرفها . قال
الأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : لخفتها وشبهها بهند ودعد ، وأنشد :
لم تتلفع بفضل مئزرها دعد ولم تسق دعد في العلب
فجمع بين اللغتين .
nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه والخليل والفراء لا يجيزون هذا ؛ لأنك لو سميت امرأة بزيد لم تصرف . وقال غير
الأخفش : أراد المكان فصرف . وقرأ
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11793وأبان بن تغلب وطلحة : "
مصر " بترك الصرف . وكذلك هي في مصحف
أبي بن كعب وقراءة
ابن مسعود . وقالوا : هي
مصر فرعون . قال
أشهب قال لي
مالك : هي عندي
مصر قريتك مسكن
فرعون ، ذكره
ابن عطية والمصر أصله في اللغة الحد . ومصر الدار : حدودها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس ويقال :
[ ص: 402 ] إن
أهل هجر يكتبون في شروطهم " اشترى فلان الدار بمصورها " أي : حدودها ، قال
عدي :
وجاعل الشمس مصرا لا خفاء به بين النهار وبين الليل قد فصلا