قوله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم
فيه خمس مسائل : الأولى :
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ذكر شيئا آخر من جهالات
اليهود والمقصود نهي المسلمين عن مثل ذلك . وحقيقة راعنا في اللغة ارعنا ولنرعك ، لأن المفاعلة من اثنين ، فتكون من رعاك الله ، أي احفظنا ولنحفظك ، وارقبنا ولنرقبك . ويجوز أن يكون من أرعنا سمعك ، أي فرغ سمعك لكلامنا . وفي المخاطبة بهذا جفاء ، فأمر المؤمنين أن يتخيروا من الألفاظ أحسنها ومن المعاني أرقها . قال
ابن عباس : كان المسلمون يقولون
[ ص: 56 ] لنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا . على جهة الطلب والرغبة - من المراعاة - أي التفت إلينا ، وكان هذا بلسان
اليهود سبا ، أي اسمع لا سمعت ، فاغتنموها وقالوا : كنا نسبه سرا فالآن نسبه جهرا ، فكانوا يخاطبون بها النبي صلى الله عليه وسلم ويضحكون فيما بينهم ، فسمعها
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ وكان يعرف لغتهم ، فقال
لليهود : عليكم لعنة الله ! لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه ، فقالوا : أولستم تقولونها ؟ فنزلت الآية ، ونهوا عنها لئلا تقتدي بها
اليهود في اللفظ وتقصد المعنى الفاسد فيه .