الثانية :
كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يجوز أن يكون لها أصل في الشرع أولا ، فإن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وخص رسوله عليه ، فهي في حيز المدح . وإن لم يكن مثاله موجودا كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف ، فهذا فعله من الأفعال المحمودة ، وإن لم يكن الفاعل قد سبق إليه . ويعضد هذا قول
عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه ، لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح ، وهي وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم
[ ص: 84 ] قد صلاها إلا أنه تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس عليها ، فمحافظة
عمر رضي الله عنه عليها ، وجمع الناس لها ، وندبهم إليها ، بدعة لكنها بدعة محمودة ممدوحة . وإن كانت في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار ، قال معناه
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره .
قلت : وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837154وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة ، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم ، وقد بين هذا بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837155من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء . وهذا إشارة إلى ما ابتدع من قبيح وحسن ، وهو أصل هذا الباب ، وبالله العصمة والتوفيق ، لا رب غيره .