[ ص: 135 ] قوله تعالى : صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون فيه مسالتان : الأولى : قوله تعالى :
صبغة الله قال
الأخفش وغيره : دين الله ، وهو بدل من ( ملة ) وقال
الكسائي : وهي منصوبة على تقدير اتبعوا . أو على الإغراء أي الزموا . ولو قرئت بالرفع لجاز ، أي هي صبغة الله . وروى
شيبان عن
قتادة قال : إن
اليهود تصبغ أبناءهم يهودا ، وإن
النصارى تصبغ أبناءهم نصارى ، وإن صبغة الله الإسلام . قال
الزجاج : ويدلك على هذا أن صبغة بدل من ملة . وقال
مجاهد : أي فطرة الله التي فطر الناس عليها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبو إسحاق الزجاج : وقول
مجاهد هذا يرجع إلى الإسلام ; لأن الفطرة ابتداء الخلق ، وابتداء ما خلقوا عليه الإسلام . وروي عن
مجاهد والحسن nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية وقتادة : الصبغة الدين . وأصل ذلك أن
النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء ، وهو الذي يسمونه المعمودية ، ويقولون : هذا تطهير لهم . وقال
ابن عباس : هو أن
النصارى كانوا إذا ولد لهم ولد فأتى عليه سبعة أيام غمسوه في ماء لهم يقال له ماء المعمودية ، فصبغوه بذلك ليطهروا به مكان الختان ; لأن الختان تطهير ، فإذا فعلوا ذلك قالوا : الآن صار نصرانيا حقا ، فرد الله تعالى ذلك عليهم بأن قال : صبغة الله أي صبغة الله أحسن صبغة وهي الإسلام ، فسمي الدين صبغة استعارة ومجازا من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين ، كما يظهر أثر الصبغ في الثوب . وقال بعض شعراء ملوك
همدان :
وكل أناس لهم صبغة وصبغة همدان خير الصبغ صبغنا على ذاك أبناءنا
فأكرم بصبغتنا في الصبغ
وقيل : إن الصبغة
الاغتسال لمن أراد الدخول في الإسلام ، بدلا من معمودية النصارى ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
قلت : وعلى هذا التأويل يكون
غسل الكافر واجبا تعبدا ; وهي المسألة :
الثانية لأن معنى صبغة الله غسل الله ، أي اغتسلوا عند إسلامكم الغسل الذي أوجبه الله عليكم . وبهذا المعنى جاءت السنة الثابتة في
قيس بن عاصم وثمامة بن أثال حين أسلما . روى
أبو حاتم البستي في صحيح مسنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500033أن ثمامة الحنفي أسر فمر به النبي صلى الله عليه وسلم يوما فأسلم ، فبعث به إلى حائط أبي طلحة فأمره أن يغتسل [ ص: 136 ] فاغتسل وصلى ركعتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسن إسلام صاحبكم . وخرج أيضا عن
قيس بن عاصم أنه أسلم ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وصححه
أبو محمد عبد الحق . وقيل : إن القربة إلى الله تعالى يقال لها صبغة ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس في المجمل . وقال
الجوهري : صبغة الله دينه . وقيل : إن الصبغة الختان ، اختتن
إبراهيم فجرت الصبغة على الختان لصبغهم الغلمان في الماء ، قاله
الفراء .
ونحن له عابدون ابتداء وخبر .