قوله تعالى :
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار
قوله تعالى :
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة تقدم القول فيه ، ولما كان العذاب تابعا للضلالة وكانت المغفرة تابعة للهدى الذي اطرحوه دخلا في تجوز الشراء .
قوله تعالى : فما أصبرهم على النار مذهب الجمهور - منهم
الحسن ومجاهد - أن " ما " معناه التعجب وهو مردود إلى المخلوقين ، كأنه قال : اعجبوا من صبرهم على النار ومكثهم فيها ، وفي التنزيل : قتل الإنسان ما أكفره و
أسمع بهم وأبصر . وبهذا المعنى صدر
أبو علي . قال
الحسن وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير والربيع : ما لهم والله عليها من صبر
[ ص: 222 ] ولكن ما أجرأهم على النار وهي لغة يمنية معروفة . قال
الفراء أخبرني
الكسائي قال : أخبرني قاضي
اليمن أن خصمين اختصما إليه فوجبت اليمين على أحدهما فحلف ، فقال له صاحبه : ما أصبرك على الله ؟ أي ما أجرأك عليه ، والمعنى : ما أشجعهم على النار إذ يعملون عملا يؤدي إليها ، وحكى
الزجاج أن المعنى ما أبقاهم على النار ، من قولهم : ما أصبر فلانا على الحبس أي ما أبقاه فيه ، وقيل : المعنى فما أقل جزعهم من النار ، فجعل قلة الجزع صبرا وقال
الكسائي وقطرب : أي ما أدومهم على عمل أهل النار ، وقيل : " ما " استفهام معناه التوبيخ ، قاله
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة معمر بن المثنى ، ومعناه : أي أي شيء صبرهم على عمل أهل النار ؟ وقيل : هذا على وجه الاستهانة بهم والاستخفاف بأمرهم .