قوله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين
لما بين الله سبحانه الناس إلى مؤمن وكافر ومنافق فقال : كونوا على ملة واحدة ، واجتمعوا على الإسلام واثبتوا عليه . فالسلم هنا بمعنى الإسلام ، قاله
مجاهد ، ورواه
أبو مالك عن
ابن عباس . ومنه قول الشاعر
الكندي :
دعوت عشيرتي للسلم لما رأيتهم تولوا مدبرينا
أي إلى الإسلام لما ارتدت
كندة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مع
nindex.php?page=showalam&ids=185الأشعث بن قيس الكندي ، ولأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالدخول في المسالمة التي هي الصلح ، وإنما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجنح للسلم إذا جنحوا له ، وأما أن يبتدئ بها فلا ، قاله
الطبري . وقيل : أمر من آمن بأفواههم أن يدخلوا فيه بقلوبهم . وقال
طاوس ومجاهد : ادخلوا في أمر الدين .
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : في أنواع البر كلها . وقرئ السلم بكسر السين .
قال
الكسائي : السلم والسلم بمعنى واحد ، وكذا هو عند أكثر البصريين ، وهما جميعا يقعان للإسلام والمسالمة . وفرق
أبو عمرو بن العلاء بينهما ، فقرأها هنا :
ادخلوا في السلم وقال هو الإسلام . وقرأ التي في " الأنفال " والتي في سورة " محمد " صلى الله عليه وسلم " السلم " بفتح السين ، وقال : هي بالفتح المسالمة . وأنكر
المبرد هذه التفرقة . وقال
عاصم الجحدري : السلم الإسلام ، والسلم الصلح ، والسلم الاستسلام . وأنكر
محمد بن يزيد هذه التفريقات وقال : اللغة لا تؤخذ هكذا ، وإنما تؤخذ بالسماع لا بالقياس ، ويحتاج من فرق إلى دليل . وقد حكى البصريون : بنو فلان سلم وسلم وسلم ، بمعنى واحد . قال
الجوهري : والسلم الصلح ، يفتح ويكسر ، ويذكر ويؤنث ، وأصله من الاستسلام والانقياد ، ولذلك قيل للصلح : سلم . قال
زهير :
وقد قلتما إن ندرك السلم واسعا بمال ومعروف من الأمر نسلم
[ ص: 24 ] ورجح
الطبري حمل اللفظة على معنى الإسلام بما تقدم . وقال
حذيفة بن اليمان في هذه الآية :
الإسلام ثمانية أسهم ؛ الصلاة سهم ، والزكاة سهم ، والصوم سهم ، والحج سهم ، والعمرة سهم ، والجهاد سهم ، والأمر بالمعروف سهم ، والنهي عن المنكر سهم ، وقد خاب من لا سهم له في الإسلام . وقال
ابن عباس : ( نزلت الآية في
أهل الكتاب ، والمعنى ، يا أيها الذين آمنوا
بموسى وعيسى ادخلوا في الإسلام
بمحمد صلى الله عليه وسلم كافة ) . وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830445والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار . و " كافة " معناه جميعا ، فهو نصب على الحال من السلم أو من ضمير المؤمنين ، وهو مشتق من قولهم : كففت أي منعت ، أي لا يمتنع منكم أحد من الدخول في الإسلام . والكف المنع ، ومنه كفة القميص - بالضم - لأنها تمنع الثوب من الانتشار ، ومنه كفة الميزان - بالكسر - التي تجمع الموزون وتمنعه أن ينتشر ، ومنه كف الإنسان الذي يجمع منافعه ومضاره ، وكل مستدير كفة ، وكل مستطيل كفة . ورجل مكفوف البصر ، أي منع عن النظر ، فالجماعة تسمى كافة لامتناعهم عن التفرق .
ولا تتبعوا نهي .
خطوات الشيطان مفعول ، وقد تقدم . وقال
مقاتل : استأذن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام وأصحابه بأن يقرءوا التوراة في الصلاة ، وأن يعملوا ببعض ما في التوراة ، فنزلت :
ولا تتبعوا خطوات الشيطان فإن اتباع السنة أولى بعدما بعث
محمد صلى الله عليه وسلم من خطوات الشيطان . وقيل : لا تسلكوا الطريق الذي يدعوكم إليه الشيطان .
إنه لكم عدو ظاهر العداوة ، وقد تقدم .